لما كنت إلّا في ذمة القصور، وجانب التقصير، فكيف وأنا قاعد الحالة فىّ المدح، قاصر الآلة عن الشّرح؟ ولكنى أقول: الثناء منجح أنّى سلك، والسخى جوده بما ملك، وإن لم تكن غرّة لائحة فلمحة دالة، وإن لم يكن صدّاء فماء «١» ، وإن لم يكن خمر فخلّ، وإن لم يصبها وابل فطلّ، وبذل الموجود غاية الجود، وبعض الجهد آخر المجهود، وماش خير من لاش «٢» ، ووجود ما قلّ خير من عدم ما جلّ. وقليل في الجيب خير من كثير في الغيب، وجهد المقل خير من عذر المخل، وحمار أيس خير من فرس ليس «٣» ، وكوخ في العيان خير من قصر في الوهم. وزيت «٤» خير من ليت، وما كان أجود من لو كان، وقد قيل: عصفور في الكف أجود من كركى في الجو، ولأن «٥» تقطف خير من أن تقف، ومن لم يجد الجميم رعى الهشيم «٦» ، ومن لم يحسن صهيلا نهق، ومن لم يجد ماء تيمّم؛ والأمير الرئيس- أدام الله نعماه! - لا ينظر في قوافى صنيعته إلى ركاكة ألفاظها، وبعد أغراضها، ولكن إلى كثرة جذرها «٧» ، وثقل مهرها، وقلّة