للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الصولى: حدثنى أبو العيناء، قال: لما أدخلت على المتوكل فدعوت له وكلمته استحسن كلامى، وقال لى: بلغنى أن فيك شرّا! فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إن يكن الشرّ ذكر المحسن بإحسانه والمسىء بإساءته فقد زكّى الله تعالى وذمّ، فقال في التزكية: (نعم العبد إنّه أوّاب) ، وقال في الذم: (همّاز مشّاء بنميم منّاع للخير معتد أثيم) . وقال الشاعر:

إذا أنا لم أمدح على الخير أهله ... ولم أذمم الجبس اللئيم المذّمما «١»

ففيم عرفت الخير والشرّ باسمه ... وشقّ لى الله المسامع والفما؟

وإن كان الشر كفعل العقرب التي تلسع السّنىّ والدنىّ بطبع لا بتمييز فقد صان الله عبدك عن ذلك! فقال لى: بلغنى أنك رافضىّ، فقلت: يا أمير المؤمنين، وكيف أكون رافضيّا وبلدى البصرة ومنشئى في مسجد جامعها، وأستاذى الأصمعى، وليس يخلو القوم أن يكونوا أرادوا الدين أو الدنيا؛ فإن كانوا أرادوا الدّين فقد أجمع الناس على تقديم من أخّروا، وتأخير من قدموا، وإن كانوا أرادوا الدنيا فأنت وآباؤك أمراء المؤمنين، لا دين إلّا بك، ولا دنيا إلّا معك.

قال: كيف ترى دارى هذه؟ قال: قلت: رأيت الناس بنوا دورهم في الدنيا، وأنت بنيت الدنيا في دارك.

فقال لى: ما تقول في عبيد الله بن يحيى؟ قلت: نعم العبد لله ولك؛ مقسّم بين طاعته وخدمتك، يؤثر رضاك على كل فائدة، وما عاد بصلاح ملكك على كل لذة قال: فما تقول في صاحب البريد ميمون بن إبراهيم؟ - وكان قد علم أنّى

<<  <  ج: ص:  >  >>