وجعلناه يوم عيد عظيم ... فكأنّا اليهود أو نحكيهم
وأراهم مصمّمين على الهجر ... فلم يسخطون من يرضيهم
قد سبتنا وما أتتنا وكانوا ... يوم لا يسبتون لا تأتيهم
فاتّصل ذلك بالناجم، فكتب إلى ابن الرومى:
أبا حسن أنت من لا تزا ... ل نحمد في الفضل رجحانه
فكم تحسن الظنّ بالمرثدىّ ... وقد قلّل الله إحسانه
ألم تدر أنّ الفتى كالسّراب ... إذا وعد الوعد إخوانه
فبحر السراب يفوت الطّلوب ... فقل في طلابك حيتانه
وخرج ابن الرومى إلى بعض المتنزهات وقصدوا كرما رازقيّا، فشربوا هناك عامّة يومهم، وكانوا يتهمونه في شعره، فقالوا: إن كان ما تنشدنا لك فقل في هذا شيئا، فقال: لا تريموا حتى أقول فيه، وأنشدهم لوقته:
ورازقىّ مخطف الخصور ... كأنه مخازن البلّور
قد ضمّنت مسكا إلى الشطور ... وفي الأعالى ماء ورد جورى «١»
بلا فريد وبلا شذور ... له مذاق العسل المشور «٢»
وبرد مسّ الخصر المقرور ... ونكهة المسك مع الكافور «٣»
ورقّة الماء على الصدور ... باكرته والطّير في الوكور
بفتية من ولد المنصور ... أملأ للعين من البدور
حتى أتينا خيمة النّاطور ... قبل ارتفاع الشمس للذّرور «٤»