للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيوبه، وإظهار البراءة منه، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن إبليس كان ملكا من الملائكة، وكان يظهر من طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له بذلك فضلا، وكان الله تعالى قد علم من غشّه ما خفى عن الملائكة، فلما أراد الله فضيحته ابتلاه «١» بالسجود لآدم؛ فظهر لهم ما كان يخفيه عنهم فلعنوه؛ وإن الحجاج كان يظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كنّا نرى له بذلك فضلا، وكان الله عزّ وجل أطلع أمير المؤمنين من غلّه وخبثه على ما خفى عنا، فلما أراد الله فضيحته أجرى ذلك على يدى أمير المؤمنين، فالعنوه، لعنه الله.

ثم نزل.

وكان أبو تمام قد مدح الأفشين التركى، واسمه خيذر «٢» بن كاوس، وكان من أجلّ قوّاد المعتصم، وأبلى في أمر بابك الخرّمىّ بلاء حمده له؛ فلما سخط المعتصم عليه لما نسب إليه من سوء السيرة، وقبح السريرة، وأنه يخطب درجة بابك، ويريد التحصّن بموضع يخلع فيه يده عن الطاعة، وأظهر القاضى أحمد بن أبى دواد عليه أنه على غير الإسلام، قال أبو تمام معتذرا للمعتصم من تقديمه واجتبائه، ولنفسه من مدحه وإطرائه:

ما كان لولا فحش غدرة خيذر ... ليكون في الإسلام عام فجار

هذا الرسول وكان صفوة ربّه ... من خير باد في الأنام وقار

قد خصّ من أهل النفاق عصابة ... وهم أشدّ أذى من الكفّار

واختار من سعد لعين بنى أبى ... سرح لعمر الله غير خيار

حتى استضاء بشعلة السّور التى ... رفعت له سترا من الأستار

ثم ذكر في هذه القصيدة أن قتل الأفشين لبابك لم يكن بصدق بصيرة، ولا لصحة سريرة، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>