للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد ابن أبى طاهر لأعرابى:

وقبلى أبكى كلّ من كان ذاهوى ... هتوف البواكى والديار البلاقع «١»

وهنّ على الأطلال من كل جانب ... نوائح ما تخضلّ منها المدامع

مزبرجة الأعناق نمر ظهورها ... مخطّمة بالدّرّ خضر روائع

ترى طرزا بين الخوافى كأنها ... حواشىّ برد زينتها الوشائع

ومن قطع الياقوت صيغت عيونها ... خواضب بالحناء منها الأصابع

ومن جيد ما قيل في الحمام قول ابن الرومى:

وقفت بمطراب العشيّات والضّحى ... فظلت أسحّ الدمع منى وأسجم

حليفة شجو هاج مابى وما بها ... تباريح شوق يشتكيها المتيّم

فباح به فوها وأخفته عينها ... وباحت به عينى وكتّمه الفم

ودخل أعرابى على الرشيد، فأنشده أرجوزة مدحه بها، وإسماعيل بن صبيح يكتب كتابا بين يديه- وكان من أحسن الناس خطّا، وأسرعهم يدا- فقال الرشيد للأعرابى: صف الكاتب فقال:

رقيق حواشى العلم حين تبوره ... يريك الهوينا والأمور تطير «٢»

له قلما بؤسى ونعمى كلاهما ... سحابته في الحالتين درور

يناجيك عما في ضميرك خطّه ... ويفتح باب النّجح وهو عسير

فقال الرشيد: قد وجب لك يا أعرابى عليه حق، كما وجب لك علينا يا غلام؛ ادفع له دية الحرّ، فقال إسماعيل: وعلى عبدك دية العبد.

وقال أعرابى من بنى عقيل:

أحنّ إلى أرض الحجاز، وحاجتى ... خيام بنجد دونها الطّرف يقصر

وما نظرى نحو الحجاز بنافعى ... فتيلا، ولكنى على ذاك أنظر

<<  <  ج: ص:  >  >>