للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال المأمون: أحسنت، بووك عليك ناطقا وساكتا! ثم قال بعد أن بلاه واختبره: يا عجبا لأحمد بن يوسف! كيف استطاع أن يكتم نفسه! وكتب إلى المأمون يستجدى لزوّار على بابه: إن داعى نداك، ومنادى جدواك، جمعا ببابك الوفود، يرجون نائلك العتيد، فمنهم من يمتّ بحرمة، ومنهم من يدلى بسالف خدمة، وقد أجحف بهم المقام؛ فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسيبه، ويحقّق ظنّهم بطوله، فعل.

فوقّع المأمون في عرض كتابه:

الخير متّبع، وأموال الملوك مظانّ لطلّاب؟؟؟؛ فاكتب أسماءهم، وبيّن مرتبة كلّ واحد منهم، ليصير إليه على قدر استحقاقه؛ ولا تكدّرن، معروفنا بالمطل والحجاب؛ فقد قال الشاعر:

فإنّك لن ترى طردا لحرّ ... كإلصاق به طرف الهوان

ولم تجلب مودّة ذى وفاء ... بمثل الودّ أو بذل اللّسان

قال أحمد بن يوسف: أمرنى المأمون أن أكتب في زيادة قناديل شهر رمضان؛ فأعيا علىّ، ولم أجد مثالا أحتذى عليه؛ فبتّ مغموما، فأتانى آت فى النوم فقال: اكتب: فإنّ فيها إضاءة للمتهجّدين، ونفيا لمكان الرّيب، وأنسا للسابلة، وتنزيها لبيوت الله من وحشة الظّلم، فأخبرت بذلك المأمون، فاستظرفه، وأمر أن تمضى الكتب عليه.

وأهدى إلى المأمون في يوم نوروز طبق جزع عليه ميل من ذهب، فيه اسمه منقوش، وكتب إليه:

هذا يوم جرت فيه العادة، بإلطاف العبيد السادة، وقد بعثت إلى أمير المؤمنين طبق جزع فيه ميل.

فلما قرأ المأمون الرقصة قال: أجاءت هدية أحمد بن يوسف؟ قالوا: نعم.

قال: هى في دارى أم دارى فيها؟ فلما رفع المنديل استظرف الهدّية واسترجح مهديها.

<<  <  ج: ص:  >  >>