للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغضارة يمطر «١» . هو ريحانة على القدح، وذريعة إلى الفرح. عشرته ألطف من نسيم الشمال، على أديم الزّلال، وألصق بالقلب، من علائق الحب. إذا أردت فهو سبحة ناسك، أو أحببت فهو تفّاحة فاتك، أو اقترحت فهو مدرعة راهب، أو آثرت فهو نخبة شارب. أخباره زكيّة، وآثاره ذكية. أخباره تأتينا كما وشى بالمسك ريّاه، ونمّ على الصباح محيّاه. قد انتشر من طيب أخباره مازاد على المسك الفتيق، وأوفى على الزّهر الأنيق. مناقب تشدخ فى جبينها غرّة الصباح، وتتهادى أنباءها وفود الرياح. فلان أخباره آثاره، وعينه فراره «٢» ، قد حصل له من حميد الذكر، وجميل النّشر، ما لا تزال الرواة تدرسه، والتواريخ تحرسه.

سألت عن أخباره فكأنى حرّكت المسك فتيقا، أو صبّحت الروض أنيقا.

أخباره متضوعة كتضوّع المسك الأذفر، ومشرقة إشراق الفجر الأنور. أحببته بالخبر، قبل الأثر، وبالوصف قبل الكشف. هو ممن يثقل ميزان ودّه، ويحصف ميثاق عهده. هو كريم العهد، صحيح العقد، سليم الصّدر فى الودّ، حميد الورد فيه والصدر. هو لإخوانه عدّة تشدّهم وتقويهم، ونور يسعى بين أيديهم.

هو ركن الإخاء، صافى شرب الوفاء، حافظ على الغيب ما يحفظه على اللقاء.

هو ممن لا تدوم المداهنة فى عرصات قلبه، ولا تحوم المواربة على جنبات صدره.

هو يسرى إلى كرم العهد، فى ضياء من الرّشد. عهده نقش فى صخر، وودّه نسب ملآن من فخر. يقبل من إخوانه العفو، كما يوليهم من إحسانه الصّفو. فى ودّه غنى للطالب، وكفاية للراغب، ومراد للصّحب، وزاد للركب. هو فى حبل الوفاء حاطب، وعلى فرض الإخاء مواظب. النّجح معقود فى نواصى آرائه، واليمن معتاد فى مذاهب أنحائه. له الرّأى. الثاقب الذى تخفى مكايده، وتظهر عوائده، والتدبير النافذ الذى تنجع مباديه، وتبهج تواليه. رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>