للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله فصل من كتاب تعزية بالأمير ناصر الدين:

أقدار الله تعالى فى خلقه لم تزل تختلف بين مكروه ومحبوب، وتتصرّف بين موهوب ومسلوب، غادية أحكامها مرّة بالمصائب والنوائب، رائحة أقسامها تارة بالعطايا والرغائب، ولكن أحسنها فى العيون أثرا، وأطيبها فى الأسماع خبرا، وأحراها بأن تكسب القلوب عزاء وتصسبّرا، ما إذا انطوى نشر، وإذا انكسر جبر، وإذا أخذ بيد ردّ بأخرى، وإذا وهب بيمنى سلب بيسرى، كالمصيبة بفلان التى قرّحت الأكباد، وأوهنت الأعضاد «١» ، وسوّدت وجوه المكارم والمعالى، وصورت الأيام فى صور الليالى، وغادرت المجد وهو يلبس حداده، والعدل وهو يبكى عماده، والدين وهو يندب جهاده، حتى إذا كاد اليأس يغلب الرّجاء، ويردّ الظنون مظلمة النواحى والأرجاء، قيّض الله تعالى من الأمير الجليل من اجتمعت عليه الأهواء، ورضيت به الدهماء، فأسى به حادث الكلم، وسدّ بمكانه عظيم الثّلم، وردّ الآمال والنفوس قد استبدلت بالحيرة قوة وانتصارا، وصارت للدولة المباركة أعوانا وأنصارا ومن شعره فى تجنيس القوافى، فى معان مختلفة:

إذا لم تكن لمقال النصيح ... سميعا ولا عاملا أنت به

ينبّهك الدهر من رقدة الملاهى ... وإن قلت لا أنتبه

وقال:

تفرّق الناس فى أرزاقهم فرقا ... فلابس من ثراء المال أو عارى

كذا المعايش فى الدنيا وساكنها ... مقسومة بين أوعاث وأوعار

وقال:

حوى القدّ عمرا فقلت اعتقد ... رضا بالقضاء ولا تحتقد

<<  <  ج: ص:  >  >>