للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لئن عمرت دور بمن لا أحبّه ... لقد عمرت ممن أحبّ المقابر

وكنت عليه أحذر الموت وحده ... فلم يبق لى شىء عليه أحاذر

وقيل لأمّ الهيثم السدوسية: ما أسرع ما سلوت عن ابنك الهيثم! قالت:

أما والله لقد رزئته كالبدر فى بهائه، والرمح فى استوائه، والسيف فى مضائه؛ ولقد فتّتت مصيبته كبدى، وأفنى فقده جلدى، وما اعتضت من بعده إلّا أمن المصائب لفقده.

وعزّى أبو العيناء أحمد بن أبى دواد عن ولد له، فقال: ما أصيب من أثيب والله لقد هان لفقده، جليل المصائب من بعده.

ودخل أعرابى من بادية البصرة إلى الشام ومعه بنون، فلما كان بقنّسرين مات بنوه بالطاعون فقال:

أبعد بنىّ الدهر أرجو غضارة ... من العيش أو آسى لما فات من عمرى

غطارفة زهر مضوا لسبيلهم ... فلهفى على تلك الغطارفة الزّهر

سقى الله أجسادا ورائى تركتها ... بحاضر قنّسرين من صيّب القطر

يذكّرنيهم كلّ خير رأيته ... وشرّ، فما أنفكّ منهم على ذكر

هذا البيت كقول الآخر:

رعاك ضمان الله يا أمّ مالك ... ولله أن يرعاك أولى وأوسع

يذكر نيك الخير والشرّ والذى ... أخاف وأرجو والذى أتوقّع

وقال مسلم بن الوليد:

وإنى وإسماعيل يوم وداعه ... لكالغمد يوم الرّوع فارقه النّصل

أما والحبالات الممّرات بيننا ... رسائل أدّتها المودة والوصل «١»

لما خنت عهدا من إخاء ولا نأى ... بذكراك نأى عن ضميرى ولا شغل

<<  <  ج: ص:  >  >>