قيل لها: إنما أمر لك بشاء، فقالت: الأمير أكرم من ذلك؛ فجعلها إبلا أدما استحياء؛ وإنما كان أمر لها بشاء [أولا، والأدم أكرمها] .
وأول هذا الحديث عن رجل من بنى عامر بن صعصعة يقال له ورقاء قال:
كنت عند الحجاج فدخل الآذن «١» فقال: أصلح الله الأمير! بالباب امرأة تهدر كما يهدر البعير النادّ «٢» . قال: أدخلها، فلما دخلت نسبها فانتسبت له. فقال:
ما أتى بك يا ليلى؟ قالت: إخلاف النجوم، وقلّة الغيوم، وكلّب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله الرّفد.
قال لها: أخبرينى عن الأرض. قالت: الأرض مغبرّة، والفجاج مقشعرّة، وأصابتنا سنون مجحفة مظلمة، لم تدع لنا هبعا ولاربعا، ولا عافطة ولا نافطة «٣» أهلكت الرجال، ومزّقت العيال، وأفسدت الأموال، وأنشدت الأبيات التى مضت آنفا؛ فالتفت الحجاج [إلى أصحابه] . وقال: هل تعرفون هذه؟ قالوا:
لا. قال: هذه ليلى الأخيلية التى تقول:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا ... حتى يدبّ على العصا مذكورا
تبكى الرماح إذا فقدن أكفّنا ... حزنا وتلقانا الرّفاق؟؟؟. ورا
وفى آخر حديثها قال لها: أنشدينا بعض شعرك، فأنشدته:
لعمرك ما بالموت عار على الفتى ... إذا لم تصبه فى الحياة المعاير
ومن كان مما يحدث الدهر جازعا ... فلابدّ يوما أن يرى وهو صابر
فلا يبعدنك الله يا توب هالكا ... لدى الحرب إن دارت عليك المقادر
فكل جديد أو شباب إلى بلى ... وكل امرئ يوما إلى الله صائر
وكل قرينى ألفة لتفرّق ... شتات وإن ضنّا وطال التّعاشر