للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القهقري، تقديره: رجع الرجوع القهقري. فعلى هذا يكون المصدر هو المحذوف، والقهقري وأخواتها صفات المصادر المحذوفة والمقدرة، فلا تكون من هذا الباب بل تكون من باب قولك: ضربت ضرباً كثيراً.

قوله: "والمصادر المنصوبة بأفعال مضمرة على ثلاثة أنواع". والدليل على الحصر باعتبار جواز الإضمار ووجوبه، أنه لا يخلو أن يجوز إظهاره أو لا فإن جاز إظهاره فهو قسم الأول (١). وإن لم يجز إظهاره فلا يخلو إما أن يكون له فعل من لفظه أو لا. فإن كان له فعل من لفظه فهو الثاني (٢). وإن لم يكن له فعل من لفظه فهو الثالث (٣). فمنها ما لا يعرف إلا بالسماع وهو الأول من النوع الثاني. وطريق الدليل على التزامهم حذف الفعل من هذا القسم أنا نقول: هذه ألفاظ كثرت في كلامهم، ولم توجد إلا محذوفاً فعلها. فدل على أنها ملتزمة الحذف، إذ لو لم تكن كذلك لوجدت مع كثرتها في بعض المواضع مظهراً أفعالها. ولما لم توجد إلا محذوفة دل على أنها لا يجوز إظهارها. وقد استعمل هذا الدليل في مواضع مخرجاً لما ثبتت قاعدته بالقياس، فهو أولى ههنا.

قال سيبويه: "لا يقال: ما أقيله، استغناء بما أكثر قائلته" (٤). وقال


(١) نحو: مواعيد عرقوب، وخبر مقدم، وغضب الخيل على اللجم. فهذا النوع يجوز فيه إظهار الفعل ويجوز حذف. انظر المفصل ص ٣٢.
(٢) نحو قولك: سقياً ورعياً وخيبة وجدعاً وعقراً وبعداً وسحقاً. فكل هذه مصادر منصوبة بفعل مضمر متروك لأنها صارت بدلاً منه. انظر المفصل ص ٣٢.
(٣) نحو: دفراً وبهراً وأفة وتفة وويحك وويسك وويلك. فهذه مصادر ليست لها أفعال من لفظها. انظر المفصل ص ٣٣.
(٤) قال سيبويه: "ولا يقولون في قال يقيل: ما أقيله، استغنوا بما أكثر قائلته". الكتاب ٤/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>