للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً: "واستغنوا بتركت عن وذرت" (١). وقال أيضاً: "لا يقال نازعني فنزعته، واستغنى عنه بغلبته" (٢). وهذه كلها أمور أخرجت عن القياس لهذا الدليل، وطريق بيانه ما ذكرناه.

وضابط هذا النوع الثاني من النوع الثاني الذي هو: إنما أنت سيراً سيرا، وما أنت إلا قتلاً قتلاً: أن يتقدم نفي أو ما هو في معنى النفي وبعده اسم لا يصح أن يكون المصدر عنه خبراً (٣). وقولنا: لا يصح أن يكون المصدر عنه خبراً، حذراً من قولك: ما ضربك إلا ضرب حسن، فإنه يجب فيه الرفع. وحكمة هذا الضابط هو أن وقوعه موقعاً لا يصح أن يكون خبراً دال على أن الخبر غيره. ولا خبر يصلح من حيث المعنى إلا فعل بمعناه، فقد علم بهذه القرينة خصوصية الفعل وفي موضعه باشتراط الإثبات بعد النفي لفظ أو تقدير لفظ واقع موقع الفعل، فاستغنى بالقرينة واللفظ الواقع موقع الفعل عن التلفظ بالفعل، كما استغنى في قولهم: لولا زيد لكان كذا، وبابه.

قوله: "ومنه قوله: {فإما منا بعد وإما فداء} (٤) ". ضابط هذا: أن تتقدم جملة تقتضي تفصيلاً باعتبار معناها، ويستغنى باقتضائها التفصيل مع ذكر المصادر بعدها عن ذكر الفعل ويستغنى بلفظ ما تقدم عن لفظ الفعل، فصارت (٥) قرينة ولفظ، فأشبه ما تقدم.


(١) قال سيبويه: "كما أن يدع على ودعت، ويذر على وذرت وإن لم يستعملا، استغنى عنهما بتركت". الكتاب ٤/ ٦٧.
(٢) قال سيبويه: "ألا ترى أنك لا تقول نازعني فنزعته، استغنى عنها بغلبته وأشباه ذلك". الكتاب ٤/ ٦٨.
(٣) ومثل هذا قولك: إنما أنت سير البريد، وأأنت سيرا؟
(٤) محمد: ٤. وقبلها: "فشدوا الوثاق". فـ "منا" و"فداء" ذكرا تفصيلاً وتوضيحاً لعاقبة الأمر بشد الوثائق.
(٥) في جميع النسخ وردت هذه الكلمة هكذا. والصواب أن تكون: لأنه. وقد ذكر ذلك في الصفحة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>