للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسأَل فوارسَ حاكموك إِلى القنا ... في الحرب، كيف رأَوْا لسان الحاكم

تلك العَواملُ أَيّ أَفعال العدى ... ما سكّنتْ حركاتها بجوازم

هيهاتَ يَطْمَع في محلّك طامعٌ ... طال البناءُ على يمين الهادم

كلّفتَ همتك العُلُوَّ فحلَّقتْ ... فكأَنّما هي دعوةٌ في ظالم

قَطَنَتْ بأَوطان النجوم فكمْ لها ... من ماردٍ قَذَفَت إِليه براجم

أَنشأْتَ في حلب غَمامة رَأْفَةٍ ... أَمددت دِيمتَها بنَوْءٍ دائِم

أَلحقتَ أَهل الفقر فيها بالغِنى ... أَمْنُ المؤمَّلِ ثروةٌ للعادِمِ

وأَظنّ أنّ الناس لمّا لم يرَوْا ... عدلاً كعدلك أَرجفوا بالقائِم

فَتَهَنَّ أَوصاف العُلى منظومةً ... فالدُّرُّ أَنْفَسُه بكفّ الناظم

جاءتك في حُلَلِ النّباهة حاسِراً ... تختال بين فضائل ومكارم

عربية أَنسابُها لو أَنها ... لحقت أُميّةَ لانْتَمَتْ في دارم

وَتَمَلَّ غُرَّةَ كلِّ فِطْرٍ بعدهُ ... مُتَسَرْبِلاً أَسنى ثواب الصائم

لا زامل وجهُك في عقود سُعوده ... بدرَ التَّمام مُقَلّداً بتمائم

وله قصائد في مدح آبق ملك دمشق وجده ممدوح ابن الخياط. ورأيته ببغداد بعد استيلاء نور الدين محمود بن زنكي على ولايته في الأيام الإمامية المقتفوية سقاها الله صوب الغفران، وحياها بحيا الرضوان، وذكر أنه أنشدها في سنة سبع وأربعين وخمسمائة، أثبت منها هذه القصيدة لاقتصادها في الصنعة والنظم، واعتلاقها لسلاستها بالفهم، وهي:

أَقَدَّكَ الغصنُ أَم الذابلُ ... ومُقْلتاك الهندُ أَم بابلُ

سِحْران: هذا طاعنٌ ضاربٌ ... وتلك فيها خَبَلٌ خابل

واكبدي مِنْ فارغٍ لم يزل ... لي من هَواه شُغُلٌ شاغل

ظبْيٌ متى خاتلته قانصاً ... رجعت والمُقْتَنص الخاتل

لِمَّتُه أَم أَرقمٌ هائِجٌ ... ذا سائِف طوراً وذا نابل

يشربُ كأْساً طلَعتْ في يدٍ ... كوكبُها في قمرٍ آفل

كأَنه، والجامُ في كفه ... بدر الدُّجى في شَفَقٍ ناهلُ

غصنُ النَّقا يحمل شمسَ الضحى ... يا حبّذا المحمول والحاملُ

أَسمرُ كالأسمر من لحظه ... له سِنان جيدُه العامِلُ

مَلاحةٌ بالبخل مقرونةٌ ... كلُّ مَليحٍ أَبداً باخلُ

إِذا نأَى مثَّله في الكَرى ... هواه فهو القاطع الواصلُ

أَشكو ضنا جسمي إِلى خصره ... وكيف يشفي الناحلَ الناحلُ

يُنكِرُ ما أَلقاه من صَدِّهِ ... وأَيُّ فعل ما له فاعل

مَنْ لي على البُعد بميعادِه ... وإِنْ لواني دَينِيَ الماطِلُ

وكيف لي بالوَصْل منْ طيفه ... وذو الهوى يُقْنِعه الباطل

أَرى دِماءَ الأُسْد عند الدُّمى ... أُنْظُرْ مَنِ المقتولُ والقاتل

مِنْ كلّ لاهي القلب من ذاهلٍ ... به فسلْ أَيُّهما الذاهلُ

يا صاحِ ما أَحلى مَذاقَ الهوى ... لو كان فيه عاذِلٌ عادِل

ما لِيَ لا أَلحظ عينَ المَها ... إِلاّ دهاني سِرْبها الخاذل

وما لَه ينْفِر من لِمَّتي ... كأَنه من أَسدٍ جافِلُ

ما زال يُنْسي نأْيُه هَجْرهُ ... حتّى لأَنسى عامَه القابل

قضيّة جائِرة ما لها ... غيرُ مُجير الدين مستاصِل

وكيف أَخشى من لطيف الحشا ... ظُلْماً وتاج الدولة الدائل

<<  <  ج: ص:  >  >>