وإِن نظرتَ إِلى القِرطاس في يده ... رأَيتَ كيف نباتُ الرُّوْضِ في الصُّحُف
وله من قصيدة:
أَوْطَنَ القلبَ من هواكم فريقُ ... ما لِصَرْفِ النَّوى عليه طريقُ
كلّما امتدّ بيننا أَمَدُ البيْن تَدانى هواكُمُ المَوْموقُ
طولُ عهدي بكم يضاعِفُ وَجْدي ... وكذا يفعلُ الشّرابُ العتيق
حَجَبَ الدّمعُ مقلتي، فعداها ... أَن ترى ما يروقُها ما تُريقُ
وأَرى البُعْدَ في الصَّبابة كالقُرْ ... بِ فقلبي على الزّمان مَشُوقُ
ولآلي دُموعِ عيني طوافٍ ... فلماذا غَوّصُهُنّ غريق
لا يُرَعْ في يد الفِراق زَمانٌ ... مرَّ لي مِنْ وِصالِكم مَسْروق
حيثُ غُصنُ الشبابِ غضٌّ وَرِيقُ ... وتَحايا المُدام عَضٌّ وَرِيقُ
وغَرامي لا يَستدِلُّ به الطيْفُ ولا تهتدي إِليه البُروق
والليالي مثلُ الغواني إِذا أَسفرن لم تدر أَيُّها المعشوق
في زمانٍ تضاعَفَتْ لعميدِ المُلك في ظلّه عليَّ الحقوق
ومنها:
لو شهِدْتُم صَبابتي لعلمتُمْ ... أَنّ قلبي بحبّكم مَعْذوقُ
أَو وقفتم على غُلُوّيَ فيكم ... قام لي عندكم بذلك سوق
رابني بَعْدَكم زماني فلا الأَيامُ بيضٌ ولا الربيعُ أَنيقُ
ورأَيتُ الرَّحيقَ يجلُبُ همّي ... أَفحالت عن السُّرور الرحيق
أَسلمتْني إِلى الأَسى، فهي في الكأْ ... سِ رَحيقٌ، وفي فؤادي حريق
وبَلَوْتُ الورى قياساً إِليكم ... فاستمرت على قياسي فُروق
وتصفَّحْتُ بَعْدَكم شِيَمَ النّا ... سِ وفيها الصَّريحُ والمَمْذُوق
ومنها:
يَعِدُ الدّهر باللّقاء فيُسْليني ويَرْوي أَخبارَكم فَيَشُوق
سانحاتٍ يكاد يتّهم السمعَ عليها قلبٌ عليكم شَفيقُ
ويُعاطينيَ الغرام أَفاويق هواكم فما أَكاد أُفيق
غير أَني أَهيم شوْقاً إِذا هَبَّ نسيمٌ بنَشْركم مَفْتوق
قد ملكتُمْ قلبي وسرَّحتُمُ جسمي فواهاً أَنا الأَسيرُ الطليق
وله من قصيدة:
مَنْ مُنْصفي من حُبِّ ظالمْ ... والحبُّ فيه الخصمُ حاكمْ
ما كنتُ أَدري ما الهوى ... حتى بُليتُ بغير راحم
قاسي الفؤادِ يبيتُ في ... رَغَدِ الكَرى وأَبيتُ هائم
ومن العجائب أَن يرى ... مُتَيَقِّظاً في أَسْر نائم
يا صارمي أَوَ ما كفى ... ما في جُفونك من صوارم
لامُوا عليك وليس لي ... سمعٌ يعنّ على اللوائم
لومَ الحسُود على مُظا ... هرة العميد أَبي الغنائم
وله:
يا معشَرَ الفتيان ما عندَكُمْ ... في حائمٍ ذيدَ عن الوِرْدِ
آلى على الخمرة لا ذاقها ... ما عاش إِلاّ زمن الوَرْدِ
وقد مضى الوَرْدُ فهل رخصةٌ ... في أن يكون الوَردُ من خدِّ
وله:
مَنْ رآني قبَّلْتُ عينَ رسولي ... ظنّ أَنّ الرسولَ جاء بسُولي
إِنّ عَيْناً تأَمَّلَتْ ذلك الوجْه أَحَقُّ العُيونِ بالتّقبيل
وله في غلام يهودي صيرفي:
في بني الأَسباط ظبيٌ ... مالكٌ رِقّ الأسودِ
يأْسِر الناس بقدٍّ ... وبخدٍّ وبجيدِ
تُنْبِتُ الأَبصار في وجنته وَرْد الخُدودِ
مَلِق الوعد متى طالبه اللَّحظُ بجودِ
كفلت زهرةُ عينيه بأثمار الوعود
صيرفيٌّ في غرامي ... في صُروف ونقود
أَنا في الدين حنيفيٌّ وفي الحبّ يهودي
وله من قصيدة في مجير الدين آبق وكان صاحب دمشق:
كلّما غَصَّ هواكم من جفوني ... سكنَ اللَّوْمُ اغتراراً لسكوني
ووراءَ الصَّدر مني لَوْعةٌ ... شانَها رَكْضُ دموعي في شؤوني
يا لَدَمْعٍ حار في أَجفانه ... أَنْ يُسمّى بوفِيٍّ أَو خؤون
فلئن دلّ على وَجْدي بكم ... فلَقد حامى عن السّر المصون