قد جُنّ شيْخي أَبو نزارٍ ... بذكر مِصْر وأَين مِصرُ
والله لو حلَّها لقالوا ... قفاه يا زيدُ فهو عمرو
وزيد كان محتسب دمشق فصار بمصر محتسباً.
ومن جملة ما كتبه إلى الملك الناصر من قصيدة:
إِليك صلاحَ الدين مولاي أَشتكي ... زماناً على الحُرِّ الكريم يجورُ
تُرى أُبْصِرُ الأَلف التي كنت واعدي ... بها في يدي قبل الممات تصير
وهيْهاتَ والإِفرنجُ بيني وبينكم ... سِياجٌ، قتيلٌ دونه وأَسيرُ
ومن عجبِ الأَيّام أَنك ذو غِنىً ... بمصر، وأني في دمشق فقير
السين وقوله في التشبيه:
كأَنّ السماء وقد أَزهرت ... كواكبها في دُجى الحِندسِ
رياضُ البنفسَج محميّةً ... يُفتِّح فيها جَنى النَّرجِس
وقوله في ابن رزيك لما غلب على وزارة مصر بعد عباس الذي فتك بأهل القصر وقتلهم:
طاف على النّدْمان بالكاس ... وَخَدُّه من لونها كاسِ
مُهفهفُ القامةِ مَمْشوقها ... يخجل منه غُصنُ الآسِ
كم أَتصدّى لِجَفا صدِّه ... وكم أُقاسي قلبَه القاسي
دِعْصُ نَقاً تحملُه بانةٌ ... شمسُ ضحىً في زِيّ شَمّاس
تحكي ثنا الصالح أَنفاسُه ... وصُدْغُه أَيامَ عباس
وقوله:
ما اجتمع الشِّطرنج في مجلِسٍ ... والنَّرْدُ، إِلاّ بَرَدَ المجلسُ
لا سيّما إِن حضرتْ نَرْجِسٌ ... والبان والمنثور والنَّرْجِسُ
وقوله في مغن اسمه علي:
عليٌّ صوته سَوْطٌ ... علينا لا على الفَرَسِ
وجُملةُ ضربه ضَرْبٌ ... لمدَّرعٍ ومتَّرس
يقول السّامعون له: ... رماه الله بالخرس
وخذ يا ربِّ مُهجتَه ... إِذا غنّى: خُذِي نَفَسي
وقوله في صلاح الدين الملك الناصر بديهاً أوان الورد:
يا حابس الكأء، خيلُ الوَرد قد وَرَدت ... شُهْباً وكثمْتاً، أَدِرْ يا حابس الكاس
أَقسمتُ ما الورد في الأَزهار قاطبةً ... إِلاّ كمثل صلاح الدين في الناس
الوارثِ المجدَ من آبائه أَبداً ... مثل الخلافة في أَولاد عباس
وله رباعية:
ويْلاهُ على المهفهف الميّاسِ ... ما أَحسنَه وهو بقلبٍ قاسِ
يهتزّ كأَنه قضيب الآسِ ... سكران ولم يذق حُمَيّا الكاسِ
الشين وقوله في طغريل السياف وهو جوباشي دمشق:
قالوا يسبُّك طُغْريل وتُهمله ... فقلتُ أَخشى على عِرضي من الواشي
كنّا نحاذِر منه وهو مِرْشَحَةٌ ... فكيف لا نتَّقيه وهو جُوباشي
لي أُسوةٌ بجميع الخلق يشتُمهم ... جُكّا ودلماص والعوذ بن شواش
الصاد وقوله في الملك الناصر وقد بعث لأهل دمشق السلام وله الذهب:
صلاحَ الدين قد أَصلحتَ دنْيا ... شقّيٍ لم يبِتْ إِلاّ حريصا
أَتى منك السّلامُ لنا عُموماً ... وجُودُك جاءني وَحدي خُصوصا
فكنتُ كيوسُفَ الصدّيق لمّا ... تلقّى منه يعقوبُ القميصا
وقوله في التشبيه:
أَما ترى البدر في السماء وقد ... حاول من بعد تِمِّه نقصَهْ
بينا تراه كخُشْكنانكةٍ ... حتى تراه كأَنه قُرصَهْ
الضاد وله في مقلي بيض:
أَأَحداقُ بَيْضٍ أَم حديقةُ نَرْجِسٍ ... أَتت بين مُصفرٍّ ومُبيضِّ
شربنا على التِّبْرِيّ كأْساً كَلوْنه ... وأُخرى على الفضّيّ من ذلك الفضّي
وقوله:
جاءت بوجهٍ مُعْرِضٍ ... وطالما تعرّضا
بيضاء ما أَبصرتُ منها قطُّ يوماً أَبيضا
قالت: قلى؟ قلتُ: نعم ... قلبي على جمر الغضا
العين وقوله في الشوق
تُرى عند من أَحببتُه، لا عدمتُه، ... من الشوق ما عندي وما أَنا صانعُ