تُثْني على مَلِكٍ أَعطى أَسنّتَها ... من الفوارس أَقصى السُؤْل والأَمل
مُعَذَّلٌ في النَّدى صَبٌّ به أَبداً ... وكيف يُعْذَل صَبٌّ غير مُعْتَذِل
أَغرُّ يَعْذُبُ صابُ الحادثات له ... فصابُها عنده أَحلى من العسل
جَذْلان، أَبهج في الظَّلْماءِ من قمرٍ ... يقظان، أَثبت في الهيجاء من زُحَل
صعب العريكة، سَهْل الرّاحتين، له ... رأيٌ حصيفٌ قويمٌ غيرُ ذي مَيَل
رأيٌ شديد القِوى، ما فيه من خَوَرٍ ... لا بل سدي النُّهى ما فيه من خَلل
ورايةٌ ما هَفَتْ يوماً ذوائبها ... إِلاّ على قدّ عَسّالٍ من الذُّبُلِ
صفراءُ، خافقةٌ بالنّصر، حائزةٌ ... بالحَوْل ما لم يَحُزْه الغير بالحِيَل
منشورة ليس يُطوى عزمُ ناشرها ... حتى ينالَ مكاناً قطّ لم يُنَل
وصارمٌ مُرْهَفٌ خَفَّتْ مضاربُه ... فليس يَسْبق إِلاّ سُرعةَ الأَجل
سيفٌ ليُوسفَ ما قُدَّت حديدتُه ... إِلاّ من الظَّفَر المقرون بالجَدَل
محمرّةٌ بالدَّم المسفوح خُضرته ... فآسُها نابتٌ في وَرْدِه الخَضِل
كأَنّه وهو في يُمْناه مُنْصَلِتٌ ... برقٌ جلا عارضاً في عارضٍ هَطِل
وذابِلٌ عَطْفُه يهتزّ من طَرَبٍ ... إِلى الطِّعان ولا يهتزُّ من خَطَل
صُلبُ المَكاسِر، لَيْن المَتْنِ، فارسُه ... له من الجيش ما يَهْوى من النَّفَل
بلَهْذَمٍ من نجوم القذف، طاعنُه ... يكاد يُنْفِذُه من صَفحة الجبل
يزداد من طَوْله طُولاً براحته ... إِذا طِوال الرُّدَيْنِيّات لم تَطُل
وسابحٌ لو يُجاري الريحَ عاصفةً ... لقُيِّدَت خطوات الرّيح بالفشل
سهلُ القياد فما يُعزى إِلى شَغَبٍ ... جَمُّ النَّشاط فما يُدْعى إِلى كسل
ثَبْتُ الشَّوى والقَرا، والرِّدف مجتمعٌ ... مُلَمْلَمٌ مُشمخرُّ المَنْكِبَيْن عَلي
إِذا تَأَمَّلْتَ أَعلاه وأَسفلَه ... رأَيت حُسْناً مقيماً غير مُرْتَحِل
صافي الأَديم صقيل، لونُ كُمْيَتِه ... من الكُمَيْت فلم يَنْقص ولم يَحِل
بادي الحُجُول تُريك النجمَ غُرَّتُه ... بواضحٍ كصِقال المشرفيّ جَلي
إِذا دنى وَجَرى من تحتِ راكبه ... نال المُنى بين ذاك الرَّيْثِ والعَجَل
نجمٌ يمرّ ببدرٍ في دُجى قَتَمٍ ... صقرٌ يكُرّ بليثٍ في شَرى أَسَل
بماجدٍ من بني أَيّوبَ طينَتُه ... من طينة الجود لا من طينة البَخَل
بواحدٍ حَوْلَه في كلّ نائبةٍ ... من العزائم جيشٌ غيرُ مُنْخَذِل
ومنها:
يا أَيّها البطلُ المعروف بالكرم الموصوف، والرّجل المُوفي على الرَّجل
يا أَيُّها النّاصِرُ المَلْك الذي قَهَرَتْ ... بسيفه مِلَّةُ الإِسلامِ للمِلَل
ومنها:
فلا بَرِحْتَ لدُنْيا أضنتَ مالكُها ... شمساً مدى الدهر لا تنأَى عن الحَمَل
وأنشدني لنفسه قصيدة فيه، منها في صفة الجيش والخيل:
جيشٌ تَجيش على مِثْل الصُّقورِ به ... أُسْدٌ بارثِنُها من كلّ ذي شُطَبِ
في صفة الخيل:
من كلِّ مُنْجَرِد الخدَّيْن تحسبه ... رُوحاً من البرق في جسمٍ من السُّحبِ
وأنشدني لنفسه في الشمعة:
وقائمةٍ لا تَمَلُّ القيام ... على بِرْكةٍ من لُجَينٍ بديعِ
إِذا ابتسمتْ بين جُلاّسها ... حَباها التَّبَسُّمُ فَيْض الدموعِ
وأنشدني لنفسه أيضاً في الشمعة:
وشادنٍ نادمتُه ... تحت رُواق الغَيْهَبِ
بدرُ دُجىً مُقترِنٌ ... من كأسه بكوكب