صَدرٌ تقَيَّلَ في أفعالِه سَلَفَاً ... مَن رامَ شَرْكَهمُ في ذاك لم يُطِقِ
مَكارمٌ سنَّها عبدُ الكريم لهُ ... وَمَنْ يَمِقْ غيرَها من سُنّةٍ يَمُقِ
من الأُلى بَهَرَتْ أنوارُ مجدِهمُ ... لَحْظَ العُيونِ فغالَ الشمسَ في الأُفقِ
ما اسْتنَّ أَوّلُهم في شَأْوِه طَلَقَاً ... فعَنَّ آخرُهم في ذلك الطلَقِ
لكلِّ نَوْءِ عُلاً منهم رَقيبُ عُلاً ... كما تَتابَعتِ الأنواءُ في نَسَقِ
تَجْلُو مآثرَهم آثارُهم فمتى ... ألمَّ خَطْبٌ ذَكَرْنا الصَّفْوَ بالرَّنَق
عِزٌّ تِلادٌ وفخرٌ غيرُ مُطَّرَفٍ ... وبُعْدُ صِيتٍ وذكرٌ غير مُخْتَلَق
وَهَيْبةٌ ما تهَدَّدْتُ الزمانَ بها ... في خَشْيَتي الرَّيْبَ إلاّ خَرَّ كالصَّعِق
مناقبٌ لسديدِ الدولةِ اجتمعتْ ... يَزْدَانُ بالفَرْق منها سائرُ الفِرَق
آثرْتُ عند قُصوري عن بلاغته ... خِطابَه فَخَطَبْتُ العَصْب بالخَلَق
ولو سرقْتُ خليعاً من ملابِسه ... لاخْتَلْتُ في حُلَّةٍ أَبْهَى من السَّرَق
أشكو إليه بَني عَصْرٍ شَرِقْتُ بهم ... وهل تُطاوعني الشَّكوى مع الشَّرَق
فَرَرْتُهم وتوَخَّيْتُ الفِرار وَهَلْ ... يُرْجى الإباق لعانٍ شُدَّ بالأَبَقِ
حُمْرُ العيونِ على أهل النُّهى حُمُرٌ ... خَفِيتُ فيهم خَفاء النَّجم في الشَّفَق
فغُرْبَتي غُرْبةُ البَيضاء في حَلَكٍ ... وَوَحْشَتي وَحْشَةُ السَّوداء في يَقَق
شَأَوْتُهمْ وثَناهمْ ظُلَّعاً أمدي ... فالسَّبْقُ لي وهمُ يَحْظَوْنَ بالسَّبَق
وشامخٍ في الورى بالتِّيه مُسْتَفِلٍ ... كأنّه بانحطاطٍ فاتَهُمْ وَرَقي
ولو أفاق من الأهواءِ فاقَهمُ ... فإنه من يُفِقْ من سُكْرِها يَفُق
ولِلعُلى مُرتقىً دَحْضٌ وكم زَلَقَتْ ... عنه الأُيومُ فمن للأَبْلَق الزَّلَق
زافَتْ لَدَيْه نقودُ الفضلِ وانْمحَقتْ ... سوقُ الرَّشاد وجازَتْ صَفْقَةُ الحَمَق
وغرَّه عِزُّه والدِّرْعُ ساخرةٌ ... في ضِحْكها من بُكاءِ الكَلْم بالعَلَق
وفي الوِفاض نِبالٌ حَشْرَةٌ عَجَبٌ ... تَنْفَلّ بين حَرابي الزَّغْف والحَلَق
يُسَرُّ أن رَمَقَتْهُ غُلْبُ صاغيةٍ ... تَذُبّ عنه، وموتُ الشاة في الرَّهَق
والهمّ في حَكَماتِ الضَّعفِ وهو على ... جِماحه الطِّفْلُ، فعلَ المهر في الوَهَق
يَطْغَى ولو رَمَقَ الإغبابَ كان له ... في أوّل البطش ذِكرى آخِر الرَّمَق
لولا الرّجاءُ ولولا الخوف ما شُغِلَتْ ... أَيْدِي الكماة بحَملِ البِيض والدَّرَق
مِن مَعْشَرٍ صُنْتُ عِرْضي عنهمُ كَرَمَاً ... إنّ الكريم لَيَحْمي عِرضَه ويَقي
وكم تراءَتْ ليَ الأطماعُ كافِلَةً ... بما أُحبّ فما ذَلَّتْ لها عُنُقي
لا يَعْطِفُ الحِرصُ أَعْطَافي إليه ولا ... عَيْنِي مُؤَرَّقَةٌ بالعَينِ والوَرِقِ
نزاهةٌ يَفْخَر الصادي بعِزَّتِها ... على أخل الرِّيِّ، والطاوي على السَّنِقِ
وكلما قُلتُ يُفْضي بي إلى حَدَبٍ ... على بني الفضل أفضى بي إلى حَنَق
كم من دَثائث شَحَّتْ عن نوىً دَمِثٍ ... زاكٍ ومن بُوَقٍ سَحَّتْ على بُوَقِ
هذا ولي في عُبوسِ المَحْل بَيْنَهمُ ... تبَسُّمُ الرَّوْض غِبَّ الوابِل الغَدَق
وطال ما زاد إظْلاماً فزادَ به ... قَدْرِي وُضوحاً كذاك البَدرُ في الغَسَق