للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتحْفَظُه في زمان الصِّبا ... وعند اكتمال نُهانا يَضيعُ

ويِثني هَوانا، على أَنَّه ... شريفُ المَناسب، ساعٍ وَضيعُ

وله تعزيةٌ بابنٍ صغير:

أَرَّقني أَنْ بِتَّ مَتبولا ... موَكَّلاً بالحزن مَشغولا

على هلالٍ ما بلغْتَ المُنى ... فيه ولا نِلْتَ به السُّولا

فكمْ خشِينا أَنْ نرى يومَه ... لو أنَّ لِلْمَقدور تَحويلا

لكنْ غدا إشْفاقُنا باطلاً ... وكان أمر الله مَفعولا

فاصْبر على بَلواه تلْقَ الرِّضا ... فالصَّبر عند الصَّدمة الأُولى

وله وقد أودعها تعزية بامرأةٍ وذَكَرَ في وصْفها:

في حياةٍ مَزينةٍ بحَياءِ ... خلفَ سِترَيْنِ مِن حِجىً وحِجال

ذَكَرُ العقل وهي أُنثى أَلا رُ ... بَّ نِساءٍ لها عقول الرجال

وله تعزيةٌ بأخٍ: سطَّرتها عن هَمٍّ ناصب، وقلقٍ واصِب، وعَبرَةٍ سافِحَة، وزَفرةٍ لافِحة، لفقد من حرَّم فقده السُّلوان، وأضرم في القلوب النيران، ذي الرَّأي الأصيل، والحِجى والتَّحصيل، قِنْوِ أُرومته، وصِنو أُمومته، أجمع باسه لإيناسه، وأمتع ترابه في احتراسه، ومَن فقِد الدَّهر بفقده حِصن الحَزامَة، وقلَّم بيومه ظُفر الشَّهامة، وصَلَمَ أُذُن الظَّرف والوَسامَة، وأخرس لسان الفصاحة، وأصمَّ سَمع الفضل، والرجاحة، وفقأَ عين الكمال، وجدع أنف الجَمال، وصدعَ فؤادَ الإفضال، وانتزع قلبَ السُّودد من صدر الجَلال، وفَقَر ظهر السَّداد، وبقَرَ بطن الرَّشاد، فرَبْعُ النَّدى بعده بَيْتٌ مَهجور، والكرَم حَجُّه مَحجور، والشرف غامض الصُّوى، والمَجد مضَعْضَع القوى، والعرف بائر السوق، والبِرُّ ضائع الحقوق:

وفي حفرةٍ حَتف الأُسودِ مُوَسَّدُ ... وتحتَ صَفيحٍ ذُو الصَّفيحةِ مُلْحَدُ

وأوحَدُ هذا النّاس في العلم والهُدى ... وَحيدٌ، وفَردُ البأْس والجودِ مُفرَدُ

فتىً خلَّدَ الذِّكْرَ الجميلَ لعلمِه ... بأنَّ أخا الدُّنيا بها لا يُخلَّدُ

محاسنُ تُتلى من محاسنَ تَمَّحي ... فللَّه مَيْتٌ بالبِلى يتجَدَّدُ

ولو كان ينجو ذو الكمال من الرَّدى ... إذاً لنَجا منه النَّبيُّ محمَّدُ

وله في التهاني من تهنئةٍ بمولود: أبهجَني شُروق الهلال، الطّالع بالسَّعد والإقبال، الذي آنسَ بُرجَ السِّيادة، وبشَّر باليُمن والزِّيادة، تنافس في يده الرُّمح والحُسام، وحنَّت إليه في وِفاضِها السِّهام، وصُبَّت نحوه الطُّروس والأقلام، وتوقَّعَتْ ظهورَهُ ظُهور الجياد، وأتْلعَتْ لِحُلِيِّه عُطُلُ الأجياد، وتاقت إلى التَّجَمُّل بمكانه المَجامع، واشتاقت إلى التَّلذُّذ ببيانه المسامع، ولقد تخلَّقَ مَرضِيَّ الخليقة، وخلع العقوق بلبس العقيقة، وحُبِيَ بكرَم الشِّيمة، زمنَ المَشيمة، وفارقَ الغَرس زَكِيَّ الغِراس، ووافقَ النَّفاسَةَ وقت النِّفاس، ورغِبَ عن الوَضاعة، وقتَ الرَّضاعة، وأُلهِمَ هجرَ الأخلاف، قبل وصل الأخلاف، وأُكرِم باختيار المَكرُمة، قبل أخذ الحَلَمة، فاغتدى والمجد رضيعُه، ورقدَ والسُّودَدُ ضَجيعُه، وسَيَدِبُّ والشرف دِينه، ويَشِبٌّ والعُرفُ خَدينُه،، حتى يصبح مع الفِصال، مهذَّب الخِصال، وعند الإثغار، جامع الفَخار، ويَعمُرَ سُبْلَ آبائه، ويَغمُر بسيل حِبائه، فرزقه الله أمثاله، وبلَّغه فيه آماله، فهو المُجَلِّي للهموم وكان بالسَّبق المجلِّي، ولسوف يتلوه إلى الأَمد المُصلّي والمُسلِّي، ويضاعف الله السّعود بهم لسيِّدنا الأجلّ.

وله يقصد التَّجنيس:

أرى الدَّهر أغنى خَطْبُه عن خِطابه ... بوَعظٍ شفى ألبابَنا بلُبابه

وجرَّد سيفاً في ذُباب مَطامعٍ ... تهافتَ فيها وهي فوق ذُبابه

له قلبٌ تهدي القلوب صَوادِياً ... إليها وتَعمى عن وشيك انقلابه

هو اللَّيثُ إلاّ أَنَّه وهو خادِرٌ ... سطا فأَغاب الليثَ عن أُنس غابه

<<  <  ج: ص:  >  >>