للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكلّ جاريةٍ في كلّ ساقِيةٍ ... عَلَى الْتِواءِ بها إسْراعُ تِنِّينِ

إنّ القلوبَ وَأَلحاظُ الحسِان بها ... لَكالْعصافير في أَيدي الشَّواهينِ

من كل خاطِفةٍ للقلْب مُخْطَفَةٍ ... بالخْصَرْ تَمْطُلُني دَيْني وَتَلْوِيني

من شادِنٍ مُتَثَنّي العِطْفِ مُعتدِل القَ ... وامُ مُستعذَب الأخلاق مَوْزونِ

يا صاحِبَيَّ أَفيقا فالزَّمانُ صَحَا ... وَلانَ من بعد تَشْديدٍ وَتَخْشينِ

حَرَسْتُما في حَرَسْتا العَيْشَ من شَظَفٍ ... دُوما بدُوما عَلَى حِفْظِ القَوانينِ

دارُ المقامة قد أَضْحتْ مَحَّلكُما ... ونِلْتُما العِزَّ في أَمْنٍ من الْهُونِ

وبالْمُنَيْبِع رَبْعٌ لِلْوَليِّ غَدا ... تأْسيسُ بُنيانِه العالي عَلَى الدِّينِ

ولما وصلت إلى دمشق في مبدأ قصدي البلاد الشامية صادفت صلاح الدين وقد عاد مع عمه من الديار المصرية وهو إذ ذاك أميرٌ، وورد فضله نميرٌ فنظمت فيه مدحةٌ طويلة أولها:

كيف قُلْتُمْ بمُقْلَتَيْهِ فُتُورُ ... واْرها بِلا فُتورٍ تَجُورُ

لَو بَصُرْتُمْ بلحْظِهِ كَيفَ يَسْبى ... قُلتُمُ ذاكَ كاسِرٌ لا كَسيرُ

مُوتِرٌ قَوْشَ حاجَبْيِه لِإصْما ... ءِ فُؤادي كأَنَّه مَوْتورُ

لا تَسَلْني عن اللِّحاظِ فعَقَلْي ... طافحٌ منْ عقُارِهنَّ عَقيرُ

كَيف يَصْحو من سُكْره مُستهامٌ ... مَزجَتْ كأْسَهُ العُيونُ الحْوُرُ

أَوْرَثَتْهُ سَقامَها الْحَدَقُ النَّجْ ... لُ وَأهَدْتَ لَهُ النَّحولَ الخْصُورُ

ما تَصيدُ الأُسْدَ الْخَوادِرَ إلَّا ... ظَبَياتٌ كِناسُهنَّ الخْدُورُ

كُلُّ غُصْنِيَّةِ المُوَشَّحِ هَيْفا ... ءَ عَلَى البَدرِ جَيْبُها مَزْرُورُ

وبِنَفسي مُعَنْبَرُ الصُّدْغِ والعا ... رِض فوْقَ العَبيرِ منهُ العَبيرُ

مِقْطَعٌ لِلقُلوبِ يَقطَعُ فيها ... بِاقْتدارٍ وخَطُّهُ المَنشورُ

مُنْثَني العِطْفِ مُنْتَشي الطَّرْفِ فِي في ... هِ الحْمُيَاَّ وطرْفُهُ المَخْمُورُ

ومنها:

أَلأَمْرِ المَلامِ يَنْقادُ قَلْبي ... وعَليه من الغَرامِ أَميرُ

قُلْ لِحُلْوٍ حالٍ منَ الحُسْنِ في هج ... رِكَ حالي حَزْنٌ وَعَيْشي مَريرُ

بِفؤادي حَلَلْتَ والنّارُ فيهِ ... فَبِهِ مِنْكَ جَنَّةٌ وَسَعيرُ

نارُ قَلْبِي لِضَيْفِ طَيْفِكَ تَبدُو ... كُلَّ لَيلٍ فَيَهْتَدِي وَيَزُورُ

وَأرَى الطَّيْفَ ليسَ يَشفي غَليلي ... كَيفَ يَشْفى الغَليلَ زَوْرٌ زُوْرُ

ومنها:

ما مُدامٌ يدُيرُها ثَمِلُ العْطِ ... فِ بِنَفْسي كُؤوسُها والْمُديرُ

بِنْتُ كَرْمٍ تُجْلى عَلَى ابنِ كَريمٍ ... وَجْهُه مِنْ شُعاعها مُسْتَنيرُ

مِنْ سَنا كأْسها الْمَعاصيمُ والأَنْ ... فُسُ فيها أَساوِرٌ وسُرورُ

ولها في الكؤوس في حالة الز ... ج حباب وفي النفوس حبور

وكأَنّ الحْبَابَ في الكأْس منها ... شَرَرٌ فوقَ نارِه مُسْتطيرُ

طابَ للشّاربين منها الهوا ... ءانَِ فَلَذَّ المْمَدودُ والْمَقْصورُ

مِنْ يَدَيْ ساحِر اللّواحظ قلبي ... بِهواهُ مُسْتَهْتَرٌ مَسْحُورُ

لِلْحُمَيّا في فِيه طَعْمٌ وفي عَيْ ... نَيْه سُكْرٌ وَفوْقَ خَدَّيْه نُورُ

من سجايا الصَّلاحِ أبْهى وهذا ... مَثَلٌ دون قَدْرِه مَذْكورُ

ومنها:

ما رِياضٌ بِنَوْرِها زاهِراتٌ ... غَرَّدتْ في غُصُونهنَّ الطَّيورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>