كلُّ غُصنٍ عليهِ مِنْ خِلَعِ النَّوْ ... رِ رِداءٌ ضافٍ ووَشْيٌ حَبيرُ
ورُقْهُا في منابر الأَيْك منها ... واعِظاتٌ من شأْنها التَّذْكيرُ
وكأَنّ الرَّوْضَ الأنيقَ كتابٌ ... وكأَنّ الأشجارَ فيه سُطورُ
أَشبَهَ الشِّرْبُ فيه شارِبَ ألْمَى ... أَخْضر النَّبْت والرًّضابُ نَميرُ
وكأَنّ الهْزَارَ راهبُ دَيْرٍ ... وبأَلحانه تَحَلَّى الزَّبورُ
وكأَنّ الْقُمْرِيَّ مُقْرِيٌ آيٍ ... قد صَفا منه صَوْتُه والضَّميرُ
كمعاني مَدْحِيكَ حُسْناً ومِنْ أَيْ ... نَ يُبارِي الْبحرَ الخْضِمَّ الغَديرُ
ومنها في المدح:
أَنتَ مَنْ لم يَزَلْ يَحِنُّ إليْهِ ... وَهو في الْمَهِد سَرْجُه والسَّريرُ
فَضُله في يَدِ الزمان سِوارٌ ... مِثْلما رَايُه عَلَى المُلْك سُورُ
كرَمٌ سابِغٌ وجُودٌ عَميمٌ ... ونَدّى سائِغٌ وفضلٌ غَزيُر
راحةٌ أَمْ سَحابةٌ، وَبَنانٌ ... أمْ غَمامٌ وأنملٌ أمْ بُحورُ
كلَّ يومٍ إلى عِداكَ من الدَّهْ ... ر عَداكَ المَخْوف والْمَحْذُورُ
وتَولَّى وَلِيَّكَ الطّالِعُ السَّعْ ... دُ وعادَى عَدوَّك التَّقديرُ
سار بالمكرُمات ذِكُرُك في الدُّنْي ... يا وإنّ الْيَسيرَ منها يَسيرُ
لِلْحَيا والحْياء ماءان في كفِّ ... كَ والْوجِه سائِلٌ وعَصيرُ
لَقدِ اسْتُعْذِبَتْ لدَيْكَ الْمَرارا ... تُ كما اسْتُسْهِلتْ إليْكَ الْوُعورُ
وأَرى خاطِري لِمَدْحك إلفاً ... وإنّما يأْلَفُ الخْطيرَ الخطيرُ
بِعقُودٍ مِنْ دُرِّ نَظْمِيَ في الْمَ ... دْح تحَلَّى بها الْعُلى لا النُّحورُ
وَلَكَ المأْثُراتُ في الشَّرْق والْمَغْ ... رب يُرْوى حديثُها المأْثورُ
ومنها أهنيه بالعود من مصر إلى والده نجم الدين أيوب رحمه الله:
عادَ مِنْ مصرَ يُوسُفٌ وَإلى يَعْقو ... بَ بالتهنِئات جاء الْبشيرُ
عادَ منها بالْحمدِ والحْمدُ لِلَّ ... هِ تعَالَى فإنه المْشْكورُ
فِلأَيّوبَ من إيابِ صلاح الدّ ... ين يومٌ به تُوَفَّى النُّذورُ
وكذا إذْ قَمْيصُ يُوسفَ لاقى ... وَجْهَ يَعْقوبَ عادَ وهْوَ بَصير
ومنها:
وَلَكَمْ أَرْجَفَ الأعادي فقُلْنا ... ما لما تَذْكُرونه تَأْثيرُ
وَلَجَأْنا إلى الإلِه دُعاءً ... فَلِوَجْهِ الدُّعاءِ منهُ سُفُورُ
وَعلِمنا أنّ البعيدَ قريبُ ... عنده والعسيرَ سَهْلٌ يَسيرُ
وَرقَبْنا كالْعِيدِ عَوْدَكَ فالْيَوْ ... مَ بِه لِلأَنام عِيدٌ كبيرُ
مثلَما يَرْقُب الشَّفاء سَقيمٌ ... أَو كما يَرْتَجى الثَّراءَ فَقيرُ
ومنها أذكر أن القصد كان له من بغداد، وأنني جعلته الملاذ، وأشكو دمشق ولصوصها، وأصف سريرتي في ولائه وخلوصها:
أَنا سَيَّرْتُ طالِعَ العَزْم مني ... وَإلى قَصِدكَ انتهى التَّسْييرُ
وَببغدادَ قيلَ إن دِمَشْقاً ... ما بِها للرَّجا سِواك مُجيرُ
ما يَرى ناظِرٌ نَظيرَكَ فيها ... فَهْيَ رَوْضٌ بما تَجودُ نَضيرُ
لِمَطاوي الإقبال عندَكَ نَشْرٌ ... وَلِمَيْتِ الآمال منك نُشُورُ
وَمن النّائباتِ أنّي مُقيمٌ ... بدِمشقٍ ولِلْمَقُام شُهورُ
لا خَليلٌ يقولُ هذا نَزيلٌُ ... لا أَميرٌ يقول هذا سَميرُ
لَسْتُ أَلقَى سوَى وُجوهٍ وَأَيْدٍ ... وَقُلوبٍ كأنَّهنَّ صُخورُ
سُرِقَتْ كِسُوْتَي وَبان من الكلِّ ... تَوانٍ في رَدِّها وقُصورُ
وَاعتِذارُ الجْميِع أنّ الذي تَمَّ ... قضاءٌ في لَوْحِه مَسْطورُ