للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حلَّ في رغده خاطبٌ ... لوافاه من سَرْوِها منبر

فكم مقلةٍ ثَمَّ مغضوضةٍ ... وكم وجنةٍ بالحيا تقطر

وكم من غديرٍ غدا صفْوُهُ ... بأسرارِ حصبائه يُخْبر

وكم قد نهاه هبوبُ الرياح ... فظلَّ بتجعيده يستر

زكم فيه للقطر من خوذةٍ ... تدلُّ على أنه مِغْفَر

فيا روضةَ الحسن إِني شُغِلْتُ ... بروضةِ حسنٍ لمن ينظر

ويا خَضِرَ اللون قد ضاع فيك ... كما ضعتَ شاربك الأخضر

أنا لا أُبينُ لفرطِ السَّقام ... وذاك لكونك لا تظهر

تأَطَّرَ والرمحُ في كفه ... فلم ندر أيهما الأسمر

ومرَّ الغزال على إِثرهِ ... فلم ندر أيهما الجؤذر

وألبس خاتَمَهُ خصرَه ... فقد صحَّ من خَصْرِهِ الخنصر

ولما تعمَّمَ قام الدليلُ ... على نقصِ مَنْ زِيُّها المِعْجَرُ

وحسبك أَنَّ لها معجراً ... وأَسعدُ منه لهُ مئزر

وقد غار منه على أَننِي ... وغيريَ من قبله أَغْيَرُ

فيا معدناً دُرُّهُ سالمٌ ... ويا روضةً وردُهَا أَحمر

ويا من بفيه لنا سُكَّرٌ ... ولكنه سُكَّرٌ يُسْكِرُ

تحلل جَهْراً عقود الرجال ... فمن أجله حُرِّمَ المُسْكِرُ

أَصومُ عن الوصل دهرِي وقد ... رأيتُ الهلال ولا أُفْطِرُ

وأنت الهلالُ وأنت الهلاكُ ... بِقَتْلِيَ تُفْنِي ولا تَفْتُرُ

ومنها:

وأَعجبُ من كلِّ ما قد جرى ... عجوزٌ أَتتنِي بها مُعْصِر

وهذي القضيةُ معكوسةٌ ... أَرَى العقلُ من مثِلهَا يَنْفِرُ

فواصلتها في كؤوس ظَنَنْتُ ... بها أَنَّ حارسنا يُبْصر

وأَحرقتُ منها ظلامَ الدجى ... لِمَا صحَّ من أَنَّه يَكْفُر

وبات نديميَ لا ليلُه ... يطولُ ولا شُرْبُهُ يَقْصُرُ

وقام المؤذِّنُ ينعيَ الظلامَ ... فهذاك يَنْعَى وذا يَنْعَرُ

وحُطَّ لديَّ قناعُ الصباحِ ... وأسفرَ لي وجهُك المُسْفِر

فلا يعجبِ الصبحُ من نوره ... فوجهُ الرشيدِ أبى أنْورُ

واخبارُ سؤدده من سناه ... أبهى ومن حسنه أبهر

هو السيد المشتري للثناءِ ... وقد عجز القومُ أن يشتروا

ومانِحُ من جاء يمتارُهُ ... فهمْ في معاليهِ لن يَمْتَرُوا

ويفتر مُدَّاحُهُ من لهاه ... فهم في المدائح لن يَفْتُرُوا

وراحتهُ قبلةُ الآملينَ ... على أنها ديمةٌ تمطر

فللجود باطنها مَشْرَعٌ ... وَلِلَّثْمِ ظاهرها مَشْعَرُ

فإن شئتَ قل إِنه جنةُ النعيمِ ... وراحتُهُ الكوثر

تُقَصِّرُ إِنْ سابقَتْهُ الرياحُ ... وتوجدُ في إِثره تَعْثُر

ويُنسي الرشيدُ لذكر الرشيد ... ويُحقر من جعفرٍ جعفر

وكيف يُسَمُّونَه جعفراً ... ومن فيض راحته أَبحر

وكيف يلومون حسَّادَه ... وقد حسدت عصرَه الأَعْصُر

من القوم لا رفدُهُمْ للعفا ... ةِ يُحْصَى ولا مَجْدُهُم يُحْصَر

فرفدهمُ منهمُ مُرْبِحٌ ... ووفرهمُ بهمُ مُخْسِرُ

بدورٌ إِذا انتسبوا للأَنامِ ... فزُهْرُ النجومِ لها مَعْشَر

ولا مثلَ هذا الرئيسِ الذي ... له مَفْهَرٌ ما له مفخر

ومنها:

وتوردُ في مَنْهَلِ المكرماتِ ... وتصدْرُ عن أَمل يصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>