للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاتُ لفظ كأنه ثغرها الأشنبُ ... لو أنّ دره يتجمع

لي من عُجْبها رقيبٌ قريبٌ ... فهي في كلِّ حالةٍ تتمنع

مَنَعَتْ طيفها الزيارةَ حتى ... صرتُ من منعها له لستُ أَهجع

واستقلَّتْ دمعي غداةَ استقلّتْ ... بجمالٍ فقلت لو كان ينفع

هو مني دمٌ جرت معه العينُ ... فقالوا دمعٌ لأنيَ أجزع

ثم وَلَّت سُقْماً عليَّ وولَّت ... وفؤادي مما تصدَّى تصدَّع

قلت إلا وقفتِ يا شمسُ للصبِّ ... فقالت هيهاتِ ما أنت يوشَعْ

وغرامي بها كفضلِ أبي القا ... سم في كلِّ ساعة يتفرَّع

كم أرانا الرياضَ في لفظه النثر ... فخلنا دروجه تتوشع

وسقانا مُدامَ معنىً بديعٍ ... في قريضٍ مُصَرَّع بل مرصَّع

فشكرنا لما سكرنا فلم يلو ... علينا لأنه قد تَرَفَّع

ولثمنا التراب بين يديه ... وسألناه حاجةً فتمنَّع

فلحى الله واشياً وعذولاً ... وبغيضاً وكاذباً يتصنَّع

وإذا صار بالجفاء مُضيعاً ... من عقودِ الولاء ما صانَ أَجمع

فخطابُ العتاب بالكافِ كافٍ ... لو تدانى أو كان يسمحُ يسمع

أنت يأيها السديد أبا القا ... سم في بَذْلِكَ الندى لست تقنع

فلأيِّ الأمور تبخلُ باللفظِ ... على خادمٍ يناديك يخضع

وهو نورٌ يسعى أمامك كالصبح ... ونارٌ في وجهِ ضِدِّك تَشْفَع

وحسامٌ مُهنَّدٌ مُطْلَق الحدِّ ... جُرازٌ متى تُجَرِّدْهُ يقطع

لم يزل ثابتاً على الود جَلْداً ... وخطيباً بشكر فضلك مِصْقَع

وهو ممن إذا عراه مُلِمٌّ ... ما له غير حسنِ رأيك مَفْزَع

أتوهَّمْتَهُ يُغِيرُ على لف ... ظك معْ أنّ غيرَهُ منه أوسع

وعلى أَنه وحقِّكَ لم ير ... ض بما لم يكن له يَتَشَيَّع

وعصيتَ الودادَ في طاعة العذ ... ل ولم تُلْفِ عنده قط مطمع

فإذا كنتَ قد وصلتَ لهذا ... وهو مما يصيِّرُ القلبَ بَلْقَع

لا تكنْ للعدا نصالَ سهامٍ ... مصمياتٍ فليس في القَوْسِ منزع

وتفضَّلْ بسَتْر ما ساقه الوز ... نُ بهذي القصيدِ يا خيرَ أرْوع

فهْيَ قد قُيِّدَتْ لتثبت في الطر ... سِ لئلا تسيرَ من قبلِ تسمع

ولو انّ العتابَ أُطْلِق فيها ... لغدَتْ أَجْبُلُ القُوَى تتصدع

وعلى كل حالةٍ فأنا العبدُ ... الذي مَلْكُ حسنه فيه يشفع

ونزلنا ببركة الجب لقصد الجهاد، وعرض الأجناد، فكتب الأسعد ابن مماتي إلي أبياتاً في الملك الناصر، وتعرض للشطرنج فإنه كان يشتغل به في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين:

يا كريمَ الخِيم في الخَيِمِ ... أهيفٌ كالرئم ذو شمم

عَجَبي للشمس إذ طلعتْ ... منه في داجٍ من الظُّلَم

كيف لا تُصْمي لواحظه ... ورماةُ الطرف في العجم

لا تصدْ قلبَ المحب لكم ... ما يحلُّ الصيدُ في الحَرَم

يا صلاحَ الدين يا ملكاً ... مذ براهُ الله للأُمَم

أضحتِ الكفارُ في نِقِمٍ ... وغدا الإسلامُ في نِعَمِ

إن يكُ الشِّطْرِنْج مشغلةً ... للعليِّ القدْرِ والهمم

فهْيَ في ناديك تذكرةٌ ... لأمورِ الحرب والكرم

فلكم ضاعفتَ عِدَّتَها ... بالعطاءِ الجمِّ لا القلم

ونصبت الحرب نصبتها ... فانثنتْ كفّاك بالقمم

فابقَ للإِسلام ترفَعُهُ ... وَأْمُرِ الأقدارَ كالخدم

<<  <  ج: ص:  >  >>