وناصحٍ يمحض المودةَ لي ... وليس في نصحه بمودود
ظنَّ فؤادي مع فأَنبَهَهُ ... وَهْوَ من الوجدِ غيرُ موجود
سار وجيشُ الغرامِ يتبعه ... تحت لواءٍ عليه معقود
ومنها:
عَرَّجَ عنها الصباحُ منطلقاً ... وغادرَ الليلَ رهنَ تقييد
لا يعرف الثعلبُ المقيم بها ... لولا الثريا مكانَ عنقود
من عُلِّقَ البيضَ صارمَتْ يَدَهُ ... حبالُ تلك الغدائر السود
وَعِمَّةُ الشيبِ لا خُدِعْتَ بها ... أَخلقُ شيءٍ أوانَ تجديد
واللهوُ خدنُ الصبا فَمُذْ فُقِدَتْ ... أَيامُهُ لم يكنْ بمحمود
وأَغبنُ الناس من أَلَمَّ به ... فَقْدُ سوادٍ وفوْتُ تسويد
وفى بني الدهر كلُّ مُعْضِلَةٍ ... من الذي فات والمواجيد
إن أَسكروني بخمر لومهمُ ... فقد رَموا عِرْضَهمْ لعربيد
ومُوعِدٍ صاح بي فقلتُ له ... ربَّ وعيدٍ يَطيحُ في البيد
قد أقسم الحمدُ لا يسيرُ إلى ... غيرِ أبي القاسم بن حَمُّودِ
في يده للنوالِ معركةٌ ... أَرَى بها البخلَ صارِمَ الجيد
وعنده للضيوفِ نارُ قِرىً ... تعرفها البُزْلُ كلما يُودي
ومنها:
وتلتقي كُتْبُه الكتائبَ في ... جيشٍ من الخطِّ صائدِ الصيد
بكلِّ لفظٍ كأنه نَفَسٌ ... غيرُ مُمِلٍ بطولِ ترديد
صحَّتْ معانيه فاقتسمنَ إلى ... فضلِ ابتكار وحسن توليد
وربما استضحك الخميسُ به ... عن أَهرت الماضغين صنديد
يهوى قَوامَ القناة ذا هَيف ... ووجنةَ العَضْب ذات توريد
ومنها:
دوحةُ مجدٍ تميدُ ناضرةً ... لمحسناتٍ بحسنِ تجديد
عرضتُ منها لنار تجربتي ... عوداً ففاحت روائحُ العود
ومن قصيدته الموردة الثانية كلمة مطلعها:
نَعَمْ هُوَ البرقُ على الأَنعُمِ ... فاشقَ به إن شئت أَو فانْعِم
لاح بأعلى هضبة خافقاً ... خَفْقَ لواءِ البطل المُعْلَمِ
وزلَّ عن صَهْوَةِ طِرْفِ الدجى ... سقطةَ جُلِّ الفَرَسِ الأَدْهَم
حتى إذا قابلَ وادي الغَضا ... أَغضى على مدمعه المثجم
واستقبلَ السفحَ وكم فوقه ... من مقلةٍ سافحةٍ بالدمِ
فحينما شقَّ كنوز الربى ... عن ذلك الدينار والدرهم
قام نساءُ الحي يَجنِينَهُ ... بين فرادى منه أو توأمِ
فأشكل النُّوران من مَبْسِمٍ ... تَعْبَق رَيَّاه ومن مَنْسِم
واشتبه الروضان في نضرة ... إلى حياءٍ وحَياً ينتمي
ما بين جناتٍ إلى أعينٍ ... وبين خيْرِيٍ إلى حَيْرَم
ومعركٍ بينهما لم يزلْ ... يفتكُ فيه الظُبى بالضيغم
بين حِمىً بات كليبٌ به ... مجرَّداً من شملهِ المحتمي
يمنعُ ضيفَ العين منه القِرَى ... وهو مباحُ ليَدٍ أو فم
يا عاقري النيبِ لضيفانهم ... غلطتمُ في كبدِ المغرم
أتلفتمُ قلبي فماذا الذي ... خفَّفَ عنكمْ ثِقَلَ المَغْرَم
كم من دمٍ باتَ به حيُّكم ... كأنه ملتقط العندم
وكم عيونٍ أصبحت عندكم ... معدودةً من جملة الأسهم
لا طَرَقَتْ ربعَكُمُ غارةٌ ... يَسْأَلُ فيها معشري عن دمي
ولا سرتْ نحوكمُ أُسْرةٌ ... تأْسِرُ بالداهيةِ الصيلم
من كل من تصدُرُ أسيافُهُ ... بضربةٍ مثل دم الأهتم
يقول إِن جرَّ كعوبَ القنا ... تأَبَّطَ الضيغمُ بالأرقم
لو لم تكنْ من فَتَكاتِ الهوى ... شَقَّتْ على الحافرِ والمنْسم