للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبطالِ حربٍ من كُتَامة دَوَّخُوا ... بلادَ الأعادي بالمسوَّمَةِ القُبِّ

وعادوا إلينا بالرءوس على القنا ... وأغناهمُ كسبُ الثناءِ عن الكسب

ومنها:

وإِنا بنو رزِّيكَ ما زالَ جارُنَا ... يحُلُّ لدينا بالكرامة والخِصْبِ

ونفتِكُ بالأموال في السَّلْمِ دائماً ... كما نحن بالأَعداءِ نفتك بالحرب

وذكر عمارة اليمني قال دخلت عليه السادس عشر من شهر رمضان سنة ست وخمسين قبل موته بثلاثة أيام بعد قيامه من السماط فدخل وخرج وفي يده قرطاس قد كتب فيه بيتين من شعره قد عملهما في تلك الساعة:

نحن في غفلةٍ ونومٍ وللموْ ... تِ عيونٌ يقظانةٌ لا تنامُ

قد رحلنا إلى الحِمَامِ سِنيناً ... ليت شعري متى يكون الحِمَامُ

قال عماة: ومن عجيب الاتفاق أنني أنشدت ولده في تلك الليلة قصيدة منها:

أبوك الذي تسطو الليالي بحده ... وأَنْتَ يَمِينٌ إن سطا وشمالُ

لرتبته العُظْمَى وإِنْ طالَ عمره ... إليكَ مصيرٌ واجبٌ ومآلُ

تخالسك اللحظ المصون ودونها ... حجاب شريفٌ لا انْقَضَى وحِجَالُ

فانتقل الملك إليه بعد ثلاثة أيام ومن شعر الصالح في مملوك له رآه يوم العيد، في السلاح لابس الحديد:

لبس الحديدَ فزاد في إِعجابِهِ ... بدرٌ تَظَلُّ الشمس من حُجَّابهِ

لا مطمعٌ في أَنْ يرقَّ وقلبُهُ ... أَقسى على العُشَّاق من جلبابه

قد كان يُغْنِيهِ سيوفُ لحاظه ... عن حمل صارمهِ ليوم ضِرَابه

لو جاد لي فوق اللثام بقبلةٍ ... تشفي فؤادَ الصبِّ من أَوصابه

رَوَّيْتُ ظامئةَ الرماحِ من العِدَا ... وضَنيِتُ من ظمإٍ لبَرْدِ شَرَابهِ

وقال:

عاذلي عذلُكَ سهمٌ في الحَشَا ... كيف كتماني وسرِّي قد فَشَا

صار ما بي من غرام كامنٍ ... ظاهراً ينقله واشٍ وَشَى

من رأى قبليَ يا رِيمَ الفَلاَ ... أسداً يقْنِصُهُ لحظُ رَشَا

ومنها:

وجهُكَ الرَّوْضة آتَتْ نَرْجِساً ... وجَنيُّ الوَرْدِ فيها فُرِشَا

خفتَ أن يُجْنَى فَوَكَّلْتَ بها ... عَقْرَباً طوراً وطوراً حَنَشَا

وقال:

أَلا إن أَشواقي بقلبي برَّحَتْ ... فأصبحتُ في بحرٍ بعيدٍ من الشاطي

قَلِقْتُ وقد جدَّ الفراق لبُعْدِكُمْ ... كأَني على جمرِ الغَضَا بَعْدَكمْ واطي

ولا غروَ فيكم أن أُقِضَّتْ مضاجعي ... وقد بانَ في حُبِّي لكمْ وجهُ إِفْرَاطي

وقال:

وفاتر الطرف في الخدِّ الأَسيلِ له ... وردٌ جَنِيٌّ حَمتْهُ أَسْهُمُ المُقَلِ

نَهْبْتُهُ بفَمِي لَثماً وقد غَلَلَتْ ... عينُ الرقيب وكلَّتْ أَلْسُنُ العَذَل

وخاف أَنْ يفطنَ الواشي بنا وبه ... فعادَ يُخْلِفُ ما قد مَنَّ بالخجل

إن مال عني فقد مال النعيمُ وإن ... يَمِلْ إليَّ أَجِدْه غايةَ الأمل

هابتْ سطَايَ ليوثُ الغاب غاديةً ... ورحت من لحظاتِ الظَّبْيِ في وَجَلِ

فرَّجْتُ ضَنْكَ الوغى في كلِّ معركةٍ ... بحدِّ سيفي وضاقَتْ في الهوى حِيَلي

وقال:

ظبي يُحَيِّرُ في الملاحةِ كلما ... كرَّرْتُ طرفي في بديعِ فنونهِ

أَشكو إليه صبابتي فيجيبني ... وِرْدٌ يُبَرِّدُ لوعتي بمَعِينهِ

قسماً به وبوردةٍ في خده ... وتمامِ قامته وسحر جفونه

لو أن ركباً في الفلاة تحيروا ... لسَرَوْا بضوءٍ من هلالِ جبينه

وأنشدني زين الدين بن نجا الواعظ الدمشقي له في غلام سابق على حصان أخضر أشقر:

ولما حضرنا للسباق تبادرتْ ... خيولٌ ومن أَهواه أُقْدَمُهَا سَبْقَا

على أشقرٍ شبهِ اللهيبِ توقداً ... ولوناً فقلنا البدرُ قد رَكِبَ البَرْقَا

<<  <  ج: ص:  >  >>