للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعيوننا عِوَضَ العيون أَمَدَّها ... ما غادروا فيها من الغُدْران

ما الوَخْدُ هزَّ قِبَابهم بل هَزَّها ... قلبي عشيةَ سار في الأَظعان

وبمهجتي قمرٌ إذا ما لاح للسّاري ... تضاءَلَ دونه القَمَران

قد بانَ للعشاق أَنَّ قَوامَهُ ... سَرَقَت شمائِلَهُ غصونُ البان

وأراك غصناً في النعيم تميل إِذا ... غُصْنُ الأَراك يميدُ في نَعْمَانِ

للرمح نصلٌ واحد ولقَدِّهِ ... من ناظريه إِذا رَنَا نَصْلانِ

والسيفُ ليس له سوى جَفْنٍ وقد ... أَضحى لصارم طَرْفه جَفْنَأنِ

والسهمُ تكفي القوسُ فيه وقد غدا ... من حاجبيه للحظهِ قوسان

ولربَّ ليلٍ خلتُ خاطفَ بَرْقهِ ... ناراً تَلَفَّعُ للدُّجَى بدخان

كالمائلِ الوسنان من طول السُّرَى ... جَوْزاؤهُ، والراقصِ السكران

ما بانَ فيه من ثُرَيَّاهُ سوى ... إِعجامِها والدَّالُ في الدَّبَران

وترى المجرةَ في النجوم كأَنَّها ... تَسْقِي الرياضَ بجدولٍ ملآن

لو لم يكنْ نهراً لما عامت به ... أبداً نجومُ الحوت والسرطان

نادمتُ فيه الفرقدين كأنني ... دون الورى وجَذيمةً أَخَوَان

وترفعتْ هِمَمِ فما أَرْضَى سوى ... شُهْبِ الدجى عِوَضاً من الخلاَّن

وأَنِفْتُ حين فُجعت بالأَحبابِ أن ... أَلْهُو عن الإخوان بالخَوَّان

واعتضتُ من جود الوزير مواهباً ... أَسْلَتْ عن الأَوطارِ والأَوطان

ومنها يحثه على قصد شام الفرنج:

يا كاسرَ الأصنام قُمْ فانهض بنا ... حتى تصيرَ مُكَسِّرَ الصُّلبان

فالشامُ مُلككَ قد ورثت تُرَاثَهُ ... عن قَوْمِك الماضين من غَسَّان

فإذا شككتَ بأنها أَوطانُهُمْ ... قدماً فسل عن حادثِ الجَوْلانِ

أَوْ رُمْتَ أن تتلو محاسِنَ ذكرهم ... فاسندْ روايتها إلى حَسَّان

منها في وصف الزلزلة:

ما زلزلتْ أرضُ العِدا بل ذاك ما ... بقلوبِ أَهليها من الخَفَقَان

وأَقولُ إنَّ حصونهم سجدتْ لِما ... أُوتيت من مُلْكٍ ومِنْ سلطان

والناسُ أَجدرُ بالسجود إذا غدا ... لعُلاكَ يسجدُ شامخُ البُنْيَان

ولقد بعثتَ إلى الفرنج كتائباً ... كالأُسْدِ حين تصولُ في خَفَّان

لَبسوا الدروع ولم نَخَل مِنْ قَبْلِهِمْ ... أَنَّ البحار تَحُلُّ في غُدْران

وتيمَّموا أرضَ العدو بقَفْرَةٍ ... جرداءَ خاليةٍ من السكان

عشرين يوماً في المُغَار وليلةً ... يَسْرونَ تحت كواكبِ الخِرْصَأن

حتى إِذا قطعوا الجفارَ بجحفل ... هو في العديد ورمٍلُهُ سِيَّانِ

أغريتهمْ بحمى العِدَا فجعلْتَهُ ... بسطَاكَ بعد العزِّ دارَ هوان

عَجَّلْتَ في تلك العجول قِراهُمُ ... وهمُ لك الضيفانُ بالذِّيفَان

لما أَبَوْا ما في الجفان قَرَيْتَهُمْ ... بصوارمٍ سُلَّتْ من الأَجفان

وثللتَ في يوم العريش عًروشَهُمْ ... بشَبَا ضِرابٍ صادقٍ وطعان

أَلجأْتَهُمْ للبحر لما أَنْ جَرَى ... مِنْهُ ومن دمهمْ معاً بَحْرَان

مُدِحَ الورى بالبأسِ إِذْ خضبوا الظُّبَ ... في يومِ حربهمُ من الأَقران

ولأَنتَ تخضب كلَّ بحرٍ زاخرٍ ... ممن تحاربُ بالنَّجِيعِ القاني

حتى ترى دمهمْ وخضرةَ مائه ... كشقائقٍ نُثِرَتْ على الرَّيْحَان

في وصف الأسطول:

<<  <  ج: ص:  >  >>