للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله في الغزل:

وصادحٍ في ذُرَى الأغصان نَبَّهَني ... من غَفْوةٍ كان فيها الطيفُ قد طَرَقَا

فكان بين تلاقينا وفُرْقَتِنَا ... كما تَبَسَّمَ بَرْقٌ غَازَلَ الأُفُقَا

فقلتُ لا صحتَ إِلاَّ في يَدَيْ قَرِمٍ ... غرثانَ يوردُ منك المُدْيَةَ العَلَقَا

وقمتُ أنتزعُ الأَوكار من حَنَقٍ ... مِنِّي وأَستلبُ الأَغصان والورَقا

لو نَاحَ للشوقِ مثلي كنتُ أَعْذِرُهُ ... لكنه مَوَّهَ الدعوى وما صَدَقَا

ومنها:

لولا ليالٍ لنا بالبانِ سالفةٌ ... كَرَرْتُ من زفراتي فيه فاحْتَرَقَا

وله مما يُغنى به:

عتبتُ ولكنني لم أَعِ ... وأين ملامُك من مسْمَعي

وما قَدْرُ عَتْبِكَ حتى يزيل ... غراماً تَمَكَّنَ من أَضْلعي

وما دامَ لومُكَ إلا وأنت ... تَقْدِرُ أَنَّ جَناني معي

مَضَى كي يودِّعَ سكَّانَه ... غداةَ الفِراق فلم يَرْجع

فُؤاديَ في غيرِ ما أنت فيهِ ... فَخُذْ في ملامتهِ أو دَعِ

وله

أَفي كلِّ يومٍ لي لدى البَيْنِ حَسْرةٌ ... كأَنَّ الهوى وَقْفٌ عليَّ خصوصُ

نَأَوْا فالأسى يُجْري غُروبَ مدامعي ... على الخدِّ حتى كدتُ فيه أغوصُ

أَلومُ غُرابَ البَيْنِ عند فراقهم ... وما البينُ إلا مَرْكَبٌ وقَلُوص

لهم في استراقِ القلب باللَّحْظ عادةٌ ... فواعجباً حتى العيونُ لُصُوصُ

وله في الهرمين والصورة المعروفة بأبي الهول:

تأمَّل بنْيَةَ الهرمين وانظرْ ... وبينهما أبو الهولِ العجيبُ

كعمَّارِيَّتَيْنِ على رحيلٍ ... لمحبوبين بينهما رقيب

وماءُ النيل تحتهما دموعٌ ... وصوتُ الريح عندهما نحيبُ

وله في حمام:

حمَّامنا هذه حِمامُ ... وإنما حُرِّفَ الكلامُ

تجمعُ أوصافَها ثلاثٌ ... البَرْدُ والنَّتْنُ والظلام

وله من أبيات:

فتميسُ الغصونُ زهْواً إذا غَنَّتْ ... عليهنَّ مُطربات الطُّيورِ

وكأنَّ المياهَ في الجدول الجا ... ري حسامٌ في راحَتَيْ مذعورِ

وله أيضاً:

وصبيحةٍ باكرْتُهَا في فتيةٍ ... أضحتْ لكل نفيسةٍ كالأَنْفُسِ

والبدرُ قد ولَّى بعَبْسَةِ راحلٍ ... والصبحُ قد وافى ببِشْرِ مُعَبِّس

والنَّوْرُ قد أَخفى النجومَ كأنه ... سَيْلٌ يَسيلُ على حديقةِ نرجس

وله في الزهد والحكمة:

أُوصيكَ بالبعدِ عن الناسِ ... فالعزُّ في الوَحْدَةِ والْيَاسِ

ووحدةُ الصَّمْصَامِ في غِمْدِهِ ... خَصَّتْهُ بالعزَّة في الباسِ

وقوله:

هيَ الدنيا فلا يحزنْكَ منها ... ولا من أهلها سَفَهٌ وعَابُ

أتطلبُ جِيفةً لتنالَ منها ... وتُنْكرَ أنْ تُهارِشَكَ الكلابُ

وقوله:

نَقْطَعُ الأوقاتَ بالكُلَفِ ... وقُصارانَا إلى التَّلَفِ

أَملٌ تُرْجَى مطامِعُهُ ... لا إِلى حَدٍ ولا طَرَفِ

تُعْجِبُ الإِنسانَ مكْنَتُه ... وهْو بابُ الهمِّ والأسَفِ

وهْو ديْنٌ للزمان فلا ... يفرحِ المغرورُ بالسَّلَفِ

أَترى الجزَّارَ عن كرَمٍ ... جودُهُ للشاةِ بالعَلَفِ

وقوله:

إذا أَذِنَتْ لك الدُّوَلُ ... تذكَّرْ كيف تَنْتَقِلُ

فلو سَمَحَتْ بها الأيّا ... مُ لم يَسْمَحْ بها الأجَلُ

وقوله:

كنْ من الدنيا على وَجَلِ ... وتوقَّعْ سرعةَ الأجَلِ

آفةُ الألبابِ كامنةٌ ... في الهوى والكَسْبِ والأمَلِ

تخدعُ الإنسانَ لذّتُها ... فَهْي مِثلُ السمِّ في العَسَل

أنتَ في دنياك في عملٍ ... والليالي فيك في عمل

ومن شعره في المراثي: قال يعزي الأفضل بأخيه المظفر:

<<  <  ج: ص:  >  >>