للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان عُقْبَى ما يسوءُ التصبُّرُ ... فتقديمُهُ عند الرزيّةِ أَجدَرُ

وليس الشجاعُ النَّدْبُ مَنْ يضرب الطُّلا ... دراكاً ونارُ الحرب تُذْكَى وتُسْعَرُ

ولكنه من يؤلمُ الثُّكلُ قلبَهُ ... وتعروه أحداثُ الزمانِ فيَصْبِرُ

لئن عَظُمَ الخَطْبُ الشديدُ مَحَلُّه ... فحلمُك أَعلى منه قَدْراً وأكبر

وبعضُ الذي يحويه صدرُكَ هِمَّةٌ ... تضيقُ به الدنيا جميعاً وتصغر

لقد زعزعتْ شُمَّ الجبالِ رزيَّةٌ ... أَلَمَّتْ ولكنْ طَوْدُ حلمك أَوْقَرُ

بعلمك تَستهدي نفوسُ ذوي النُّهى ... وأنت بها قال المُعَزُّونَ أَخْبَرُ

وحكْمُ التعازي سُنَّةٌ نبويّةٌ ... وإلاّ فمنك الحزم يبدو ويَصْدُرُ

ومنها:

لقد سَلَبَتْ كفُّ الرَّدَى منك مهجةً ... تَكَنَّفَهَا للحزْمِ والعزْمِ عَسْكَرُ

فويحَ المنايا كيفَ غالَتْهُ وهْيَ في ... صنائعكمْ فيما يُخافُ ويُحذرُ

وتصريفُها بين الصوارمِ والقَنا ... بأيديكم والخيلُ بالهامِ تَعْثرُ

وأنت لها نعم الذريعةُ في الوَغى ... إذا ضاقَ نَفْسُ القِرْن دِرْعٌ ومِغْفَرُ

وما قيمةُ الدنيا فيأسِر لفظها ... جلالك؛ كلا فهي أَدنى وأحقر

ومن شعره في غير ذلك قوله في التوجع بفقد الشباب:

أَسَفِي على ردِّ الشباب الزائلِ ... أَسَفٌ يطول عليه عضُّ أناملي

وَلَّى فلا طمَعٌ لعطْفةِ هاجرٍ ... منه، ولا أَمَلٌ لأَوْبةِ راحل

هذا على أنَّ العفاف وهِمَّتِي ... لم يُظْفِرَا حظِّي لديه بطائل

وله من أبيات:

ونفَّرَ صبحُ الشيبِ ليلَ شبيبتي ... كذا عادني في الصبحِ معْ مَنْ أُحِبُّهُ

وله

سأتبعُ عَزْمي حيثُ عمَّ وأَنتحي ... وجوهَ المنايا في ظهورِ المخاوفِ

عسَى عزَّةٌ تُنْجِي من الذلِّ، أَو غِنىً ... من الفقرِن أو أَلقى الرَّدَى غيرَ آسفٍ

وله

أما والهوى لو أَنَّ أحكامه قَسْطُ ... لما اجترأتْ أن تَمْلِكَ العَرَبَ القِبْطُ

ومنها:

وخطَّتْ على لَبَّاتِها البيضِ أَسْطُراً ... يكون بأطراف الوَشيج لها نَقْطُ

بأيدي رجالٍ تعرف الحربُ ضَرْبَهُمْ ... كأنَّهُمُ من نَسْجِ عِثْيَرِهِمْ شُمْط

بِجُرْدٍ يُطير النارَ بالقاعِ رَكْضُهَا ... كأَنْ قد توارَى في سنابكها النِّفْط

وإِلاَّ فَلِمْ تُنْمَى المذاكي، وتنتمي ... شفارُ المواضي، أو لِما يُرْكَزُ الخطُّ

وله

أَرى الشرَّ طبعَ نفوسِ الأَنامْ ... يُصَرِّفها بين عارٍ وَذَامْ

فإن كانَ لابدَّ من قُرْبِهِمْ ... فَزُرْهُمْ على حَذَرٍ واتِّهام

وما ذاك إلا كأكلِ المريض ... شهوتُهُ من أَضرِّ الطعام

وقد ينتهي شرُّ من لا تخافُ ... إلى غايةٍ في الأذى لا تُرَامْ

كما يقتلُ النملُ وَهْو الضَّعِيفُ ... شِبْلَ الهِزبْرِ البعيدِ المرام

وما للرماحِ على طولها ... مع البعدِ فعلُ قِصَارِ السِّهام

وله في مجدور:

قالوا مَحَا الجُدَرِيُّ بهجتَهُ ... قَسَماً بربِّ مِنىً لقد كَذَبُوا

لكن صَفَتْ صهباءُ وَجْنَتِهِ ... لوناً فجمَّلَ صَفْوَهَا الحَبَبُ

وله

ويوم بَرْدٍ عقودُهُ بَرَدٌ ... لها سلوكٌ من هَيْدبِ المَطَرِ

ينثرهُ الجوُّ ثمَّ يَنْظِمُ منه ... الأرضَ بالزهْرِ كلَّ منتشر

فَهْوَ يحاكي الحبيبَ في اللون واللُّطْفَ ... وعذبَ الرُّضَابِ والخَصِرِ

فالغيم يبكي، والزهر يضحك، والبروقُ ... تُبْدِي ابتسامَ ذي خَفَر

وله

<<  <  ج: ص:  >  >>