للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقينا بعد لينِ ... العيشةِ الصَّعْبَ الشديدا

أيها الدهرُ أَقِلْنِي ... جُزْتَ في الجَوْر الحدودا

قد أَرَى الليل طويلاً ... فِيكَ والأيامَ سُودا

فأنا الدهرَ طريدٌ ... أَبْتَغِي صَبْراً طريدا

وله

أصبحتُ مما بيَ لا أدري ... ماذا الذي أَصْنَعُ في أمري

إن بحتُ لاآمَنُ من لائمٍ ... والصبرُ قد ضاق به صدري

وقد تشفَّعْتُ إليه بهِ ... ولا يَرى شيئاً سوى الغَدْر

لا حظَّ لي منه سوى صَدِّهِ ... أما لليل الصدِّ من فَجْرِ

قتلىَ بالسيف وإن لم يَجُزْ ... أَهْوَنُ من قتليَ بالهجر

وقوله:

يا من بدا هجرانُهُ ... ما أنتَ أَوَّلُ من هَجَرْ

هيَ سنَّةٌ مألوفةٌ ... فيمن تَقَدَّمَ أو غَبَرْ

داومْ على ما أنت ... فيهِ فإنما الدنيا عِبَرْ

عَوَّدْتُ نفسي الصبرَ، ... والأجْرُ الجزيلُ لمن صَبَرْ

قوله:

شَرِيفُنَا يَمْضي ومَشْرُوفُنَا ... وإنما يُفْتَقَدُ الخَيِّرُ

كالجوِّ لا يوجد إظلامه ... إلا إذا ما عُدِمَ النَّيِّرُ

وقوله:

يا مُؤْنسي بذكره ... وموحشي بهجرهِ

ومن فؤادي مُوقَفٌ ... لنهيهِ وأمرهِ

انظرْ إلى معذَّبٍ ... عادمِ حُسْنِ صَبْرِهِ

غادره جَوْرُ الهَوَى ... مُوَكَّلاً بفكرهِ

وسُقْمُهُ لعاذليهِ ... قائمٌ بعذرهِ

وقوله:

أَسْعَدُ الناس من يكاتمُ سِرَّهْ ... ويرى بَذْلَهُ عليه مَعَرَّهْ

إنما يُعْرَفُ اللبيبُ إذا ما ... حَفِظ السرَّ عن أخيه فَسَرَّهُ

إن يجد مَرَّةً حلاوةَ شكوا ... هُ سيلقى نَدامَةً ألف مَرَّه

وقوله:

أتُرَى أضمرتْ قديماً هَجْرَا ... أم وَفَى الدهر بالتفرُّق نَذْرَا

نَظَرَتْ نظرة المشوقِ وللبَيْنِ ... بقلبي جَوىً تُشِبُّ الْجَمْرَا

لا وتلك الجفونِ والبرقع السا ... ترِ عن مُقلتي الخدودَ الحُمْرَا

ما توسَّمْتُ قبل زَمِّ المطايا ... أن أرى هَوْدَجاً تكنَّفَ بدرا

أَزْمَعُوا رحلةً وقد نشروا الليل ... عليهمْ من جانبيهِ سِتْرَا

واستقلَّوا وللمطايا اشتياقٌ ... مستمرٌّ إذ حَثَّها السَّيْرُ قَسْرَا

عاطفات الأعناقِ من حَذَر التفريق ... نحو الديار يَنْظُرْنَ شَزْرَا

عزَّ لي أن أرى المزارَ بعيداً ... والديارَ التي توسَّمْتُ قَفْرَا

والعهودَ التي عهدْتُ إليهمْ ... بُدِّلَتْ منهمُ مَلالاً وغَدْرَا

وقال أيضاً:

اشربْ على منظر الحبيبِ ففي ... بهجتهِ نائبٌ عن البَدْرِ

ومَتِّعِ الطرف من لواحظهِ ... تَغْنَ بها عن سُلاَفةِ الخمر

قد سَمَحَ الدهر بالوصال فكنْ ... في دَعَةٍ من بوادرِ الهَجْر

وقال:

إن حَجَبُوا شخصكَ عن ناظري ... ما حَجَبوا ذكركَ عن خاطري

قد زارني طيفكَ في مضجعي ... يا حَبَّذا طيفُكَ من زائر

وصَلْتَنِي أَفْديكَ من واصلٍ ... هَجَرْتَني أفديك من هاجرِ

وقال:

وإني لأهوى ذكركمْ غير أنني ... أغارُ عليكم من مسامع جُلاَّسِي

عرفتُ بكم دهراً وللعبد حرمةٌ ... فلا تتركوني مُوحَشاً بعد إيناسي

وقوله:

قل للذي يَحْدو بأجمالهمْ ... ماذا على الأحباب لو عَرَّسُوا

وحَقُّ من كان له مُؤْنِسٌ ... يَفْنَى إذا فارقه المُؤْنس

ما ودَّعونا ومَ جَدَّ النَّوَى ... وإنما ودَّعتِ الأنفسِ

وقوله:

بربكما عَرِّجَا ساعةً ... ننوحُ على الطَّلل الدارسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>