للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا منصفاً في كل أحوالهِ ... لا تخرجِ الإنصافَ عن رسمهِ

هَبْ أَنني أبديتُ جُرْماً وقد ... يعتذر الإنسان من جُرْمِهِ

قد كثُرَ القيلُ وحاشاكَ أن ... تسمع قولَ الخصم في خصمهِ

انظرْ إلى الباطن من أمرنا ... فراحةُ العالمِ في علمهِ

فإنْ رأيتَ الحقَّ حقي فلا ... تمكِّنِ الظالمَ من ظُلمهِ

وقوله:

إن بين الكَرَى وأجْفان عيني ... مثلَ ما بين وَصْل حِبِّي وبيني

ولقد أوجبَ الهوى بُعْدَ صَبْري ... مثل ما أوجب النَّوَى قُرْبَ حَيْنِي

زعم اللائمون أنَّ سقامي ... شَيْنُ جسمي فليت لونيَ شيني

لي ديونٌ على الحبيب كثيرٌ ... وأرى حَظِّيَ المِطَالَ بَدْيني

أَنَا من كثرة الصدود مَلِيءٌ ... غير أَنِّي في الوصل صِفْرُ اليدينِ

وقوله:

أنا بالصبر فيه لا الصبرِ عَنْهُ ... تحت حكم الهوى بما جاءَ منْهُ

قد صفَتْ في محبَّةٌ لم أكدِّرْ ... هَا وعهدٌ مقدَّم لم أَخُنْهُ

فاعتراني الصدودُ إن زال حُبّي ... وحُرِمْتُ الوصال إن لم أَصُنْهُ

قد تمنيتُ أن تكون وصولاً ... فتفضَّلْ بهِ عليَّ وكُنْهُ

كل حبٍ له إذا نَظَرَ النا ... ظرُ كُنْهٌ وما لحبِّيَ كُنْهُ

وقال:

تريد الهوى صِرْفاً من الضُّرِّ والبَلْوَى ... لعمرك ما هذِي قضيَّةُ مَنْ يَهْوَى

إذا لم يكن طَرْفُ المحبِّ مُسَهَّداً ... وأَدْمُعُهُ تَجْرِي فهذا هو الدعوى

ولا حبَّ إلا أن ترى كُلْفَةَ الهوى ... ألذَّ من المَنِّ المنزَّل والسَّلوَى

وحتى ترى القلب القريحَ من الهوى ... يمانعه الصبرُ الجميل من السَّلْوَى

رَعَى اللهُ من أعطى المحبةَ حَقَّهَا ... وإن لم يكن فيها من الأمر ما يَقْوَى

ونقلت له من مجموع آخر هذه المقطعات الموشعا ت ورأيت إثبات ما به من الأبيات قال:

يا من يَتِيهُ على الزمان بحسنهِ ... اعْطِفْ على الصبِّ المشوق التائهِ

أَضْحَى يخاف على احتراق فؤادهِ ... أَسَفاً لأنك منه في سودائه

وقال:

يا حاديَ العِيسِ اصْطَبِرْ ساعةً ... فمهتجي سارتْ مع الرَّكْبِ

لا تَحْدُ بالتفريق عن عاجلٍ ... رِفْقاً بقلبِ الهائمِ الصَّبِّ

لو كنتَ تدري ما احتكامُ الهوى ... وجَوْرهُ من تَلَفِ القَلْبِ

رثيتَ لي مما يُجِنُّ الحَشَا ... من شدة الهِجْران والكَرْبِ

وقال:

والله لولا أنَّ ذكرَك مُؤْنِسي ... ما كان عيشي بالحياة يطيبُ

ولئن بكتْ عيني عليك صبابةً ... فلكلِّ جارحةٍ عليك نحيبُ

أتظنُّ أن البعد حلَّ مودتي ... إن بانَ شَخْصُك فالخيال قريبُ

كيف السلُّو وقد تمكَّنَ في الحشا ... وَجْدٌ على ما في الفؤاد رقيبُ

وإليك قد رَحَلَ الهوى بحُشَاشتي ... والسُّقْمُ مُشْتَمِلٌ وأنتَ طبيبُ

وقال:

يا من يصارِمُني بلا سببِ ... مَهْلاً فإنَّ هواك بَرَّحَ بي

انظرْ إلى رمَقٍ تجيلُ به ... أيدي الهوى أنفاسَ مكتَئِبِ

واسمَحْ بحسن العَطْفِ منك لمن ... غَادَرْتَهُ وَقْفاً على العَطَبِ

قد فُلَّ صبري فيك منهزماً ... لا ينثني وهواكَ في الطَّلَبِ

وقال:

حاولتُ وصلكمُ فعزَّ المطلبُ ... وذهبت أسألكم فضاقَ المَذْهَبُ

لا تَعْتِبوا أني تشكَّيْتُ الهَوَى ... رُدُّوا عليَّ تَصَبُّرِي ثم اعْتِبوا

أَثْبَتُّمُ غَدْراً وما أنا غادرٌ ... وجعلتمُ ذنباً ما أنا مُذْنِبُ

إني لأعجب من تحمُّلِيَ الهوى ... وبقاءُ جسمي بعد ذلكَ أَعْجَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>