للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عِداك بغَوْا وسعتَهم ندى ... وتكرّماً وتعفُّفاً وتحرُّجا

بشمائل تُبدى ولكن طيّها ... لفحات بأس تستطير تأجُّجا

والبأس ليس ببالغٍ في نفعه ... حتى يُقارن بالسّماح ويُمزَجا

لم نأل تدْأب في المكارم والعُلا ... متوقِّلاً هضباتِها متدرّجا

حتى أقرّك ذو العلا بقرارها ... وشفا بدولتك الصدورَ وأثلجا

فأقمْت من عُمَدِ السّياسة ما وهى ... وجلوْتَ من ظُللِ الضّلالة ما دجى

فاسلم لدفع ملمّةٍ تُخْشى ودُمْ ... أبدَ الزّمان لنيلِ حظّ يُرتجى

وأنشدي نصر الفزاري، قال: أنشدني أبو الحسن بن شهاب، قال: أنشدني أمية لنفسه:

سترتْ وجهَها بخزّ وجاءتْ ... بمُدام منقَّبٍ في زجاج

فتأملتُ في النِّقابَيْن منها ... قمَراً طالعاً وضوءَ سِراج

الحاء وقوله من قصيدة:

صَبّ براه السّقم برْيَ القِداح ... يودّ لو ذاق الرّدى فاسْتراح

غرامُه الدهرَ غريم له ... وما لبَرْح الشوق عنه بَراح

لم يرِم الوجدُ حشاه ولا ... خلتْ له جارحة من جِراح

له إذا آنسَ برق الحِمى ... جوانحُ تخفِق خفق الجناح

وإن شدَتْ ورقاء في أيكةٍ ... عاودَه ذكر حبيٍ فناح

أصبحتُ في حلبةِ أهل الهوى ... أركُض في طِرْف شديد الجِماح

وفي سبيل الحبّ لي مُهجة ... كان لها صبر جميل فطاح

أغرى بها السُقم هوى شادنٍ ... لم يخْشَ في سفْكِ دمي من جُناح

يعذّب القلبَ بهجرانِه ... وليس للقلب سواه انشراح

تلاقتِ الأضداد في خمسةٍ ... على اتفاقٍ بينهم واصطلاح

إن لان عِطفاه قسا قلبُه ... أو ثبتَ الخلخال جال الوِشاح

يا ابنَ الملوك الصّيد من حمير ... ووارثِ المجدِ القديمِ الصّراح

ليهْنكَ الجدّ الذي نلتَه ... بالجِدّ من أمرك لا بالمِزاح

مزجتَ بالبأس النّدى والتُقى ... ملحٌ أجاجٌ وزُلالٌ قَراح

كم منهلٍ مطْرَدٍ بالرّدى ... في موقف مشتَجِرٍ بالرّماح

أوردته كل سليم الشّظى ... منعّلة أربَعُه بالرّياح

كأنما سُربِل جُنح الدجى ... وبُرقِعت غرّتُه بالصباح

ينصِت للنّبْأة من حشْرةٍ ... كأنها قادمة من جناح

وقوله:

أصحوتَ اليوم أم لستَ صاحي ... يوم نادوا أصلاً بالرّواح

يوم تُصميكَ لِحاظ الغواني ... بسهام نافذات الجِراح

جدّ بي ما كان منّي مِزاحاً ... ربّ جِدّ حادثٍ عن مِزاح

فالحَ إن شئتَ أو دعْ فإنّي ... قد تمرّسْت بخطْبِ اللواحي

ولئن غالَ شبابي مشيب ... كفّ من شأويَ بعد المَراح

ولكم ردّ بغيظ عذولي ... فتولّى مؤيِساً من صلاح

ببدور من سُقاة أداروا ... أنجُمَ الراح بأفلاك راح

كلما ولّى أوان اغتباق ... شفَعوه بأوانِ اصطباح

ورخيم الدلّ عذبِ الثّنايا ... شرِقِ الخلخالِ صادي الوِشاح

باتَ يسقيني الى أن تردّى ... منكب الليل رداءَ الصباح

كلما مال فقبّلت فاه ... مجّ خمراً في فمي من أقاح

كنفَتْني لك يا ابن عليّ ... نظَرات منكَ راشتْ جناحي

نزل الدهر بها عند حُلمي ... وأجاب الحظّ حسب اقتراحي

وأيادٍ شفعتْها أيادٍ ... سبقتْ شكري لكم وامتداحي

تلك راضت جامحاتِ الأماني ... فتأتّت لي بعد الجِماح

ومنه يصف خلعة ممدوحه عليه:

وحوى رِقّي بُرد سناء ... فوقَى عِطفي بكفّ السّماح

رحت من هذا وهذا كأنّي ... قد تغشّيت دجى في صباح

ومنها:

<<  <  ج: ص:  >  >>