وبرْق دوَيْنَ الأبرقيْن كأنّما ... تُهَزّ له في الجوّ ألوية حُمرُ
أرِقْت له حتى طوى الليل ثوبَه ... وزلّت توالي الشُهْب يطردها الفجرُ
لعزمٍ قصرْتُ العيش فيه على السُرى ... وقلت لها سيري فموعدكِ القصْر
فما برحتْ ترمي بعزمي وهمّتي ... إليه الفِجاج الغُبْر واللُجج الخُضرُ
وأسري ولا يدري سُرى الليل موضعي ... كأنّ الدُجى صدري وشخصي به سرُّ
الى أن حططْتُ الرّحْلَ منه بعرْصةٍ ... أقام الغِنى في ظلّها ونأى الفقرُ
وعرّستُ حيث العيشُ أزهر مونقٌ ... وشرب الندى غمر وفينانُه نُضْر
ومنها:
تأتّى لي الإحسانُ لما مدحتُه ... وساعدني في شكره النظمُ والنثرُ
وأوفت قوافي الشّعر تتْرى كأنّها ... عوارفُه عندي ونائلُه الغمْرُ
وقوله من قصيدة:
هي العزائم من أنصارها القدر ... وهْيَ الكتائب من أشياعها الظّفَرُ
جرّدتَ للدّين والأسياف مغمدَة ... سيفاً تُفكّ بالأحداث والغيَرُ
وقمتَ إذ قعد الأملاك كلّهم ... تذبّ عنه وتحميه وتنتصرُ
بالبيض تُسقِط فوق البيض أنجُمها ... والسُمْر تحت ظِلال النّقْع تشتجِر
بيض إذا خطبَتْ بالنّصر ألسُنُها ... فمن منابرها الأكباد والقصَر
وذُبَّل من رِماح الخطّ مُشرعة ... في طولهنّ لأعمار الورى قِصَر
تغشى بها غمرات الموت أسْد شرى ... من الكماة إذا ما استُنجدوا ابتدروا
مستلئمين إذا شاموا سيوفهم ... شبّهتها خُلُجاً مُدّتْ بها غُدرُ
قوم تطول ببيض الهند أذرعُهم ... فما يَضير ظُباها أنّها بُتُرُ
إذا انتضوْها وذيل النّقْع فوقَهم ... فالشمس طالعة والليل معتكرُ
ترتاح أنفسهم نحو الوغى طرباً ... كأنّما الدّم راحٌ والظُبى زهُر
وإن هم نكصوا يوماً فلا عجب ... قد يكهم السّيف وهو الصارم الذّكر
العَود أحمد والأيام ضامنة ... عقبى النجاح ووعد الله منتظَر
وربما ساءت الأقدار ثم جرتْ ... بما يسرّك ساعات لها أخَر
ومنها:
لله بأسُك والألباب طائشة ... والخيل ترْدَى ونار الحرب تستعِر
وللعجاج على صُمّ القنا ظللٌ ... هي الدُخان وأطراف القنا شرَر
إذ يرجع السيف يبدي حدّه علقاً ... كصفحة البكر أدمى خدّها الخَفر
أما يهولك ما لاقيتَ من عدد ... سيّان عندك قلّ القوم أو كثروا
هي السّماحة إلا أنها سرَف ... وهي الشجاعة إلا أنها غَرر
ومنها في الحث على الفتك بجماعة:
فاضربْ بسيفكَ من ناواك منتقماً ... إنّ السيوف لأهل البغي تُدّخر
ما كل حين ترى الأملاكَ صافحة ... عن الجرائر تعفو حين تقتدر
ومن ذوي البغي من لا يُستهان به ... وفي الذّنوب ذنوب ليس تغتفَر
إنّ الرماحَ غصون يُستظلّ بها ... وما لهنّ سوى هام العِدا ثمَر
وليس يُصبح شمل المُلك منتظماً ... إلا بحيث ترى الهاماتِ تنتشِر
أضحى شهِنْشاه غيثاً للنّدى غدِقاً ... كل البلاد الى سُقياه تفتقِر
الطّاعن الألْفَ إلا أنها نسق ... والواهب الألفَ إلا أنها بِدر
ملك تبوّأ فوق النّجم مقعدَه ... فكيف يطمع في غاياته البشَر
يرجى نداه ويُخشى حدّ سطوته ... كالدهر يوجَد فيه النّفع والضّر
وما سمعتُ ولا حُدِّثت عن أحد ... من قبله يَهب الدنيا ويعتذر
جاءتكَ من كلمي الحالي محبّرة ... تُطوى لبهجتها الأبْراد والحبَر