للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي اللآلئ إلا أن لجّتَها ... طيّ الضّمير ومن غُوّاصها الفكَر

تبقى وتذهب أشعار ملفّقة ... أولى بقائلها من قولها الحصَر

ولم أطِلها لأني جِدّ معترِف ... بأنّ كل مطيلٍ فيك مختصر

وقوله من قصيدة:

مظلومة باللحظِ ظلاّمة ... تفعل بالأشفار فِعْل الشِّفار

للدّمع في ما احمرّ من خدّها ... ترقْرق الطّلّ على الجُلّنار

قيل لي - وأنا قد انتهيت الى كتب هذا البيت -: عرفنا معنى كونها ظلامة باللحظ، فما عنى مظلومة باللحظ؟ قلت: قد وقعت لي عدة معان، منها: يجوز أن يكون المراد أنها يؤثر فيها لحظ من ينظر إليها لرقّة بشرتها فهي مظلومة بلحظ الناس، ظلاّمة بلحظها، وذكر اللحظ وهو يعمّ الجميع. ومنه يجوز أن يكون المراد أنّ لحظه مريض سقيم دون سائر جوارحها، فهي مظلومة به، ومنها أنها بلحظها تظلم الناس بقتلها وتظلم نفسها بتقلد الدماء وتأثيمها، فهي مظلومة بلحظها ظلاّمة.

ومنها في المدح:

موقّر الشّيمة إن جاذبتْ ... يوماً يد الخفّة عطف الوقار

وقوله من قصيدة:

وقائلٍ: لو سلوتَ قلت له ... مالي على ما يسومني قُدرَهْ

قليلُ عقلٍ وصادني قمر ... مبلبل الصّدغ حالك الطُرّهْ

لم يصحُ منذ انتشت لواحظُه ... وكيف يصحو وريقه الخَمرَهْ

ومنها:

كم صاحب غرّني بظاهره ... وخان عند السِّفار والخِبرهْ

يزورني مُثرياً ويطرقني ... ولا أراه في الضّيق والعُسرَهْ

نفضت منه يدي وقلت له ... لا أشتهي الخِلّ سيئَ العِشره

حسبي انحرافي عن الورى خلَفاً ... وحسب عيني بفقدهم قُرّهْ

وقوله يصف فرساً أحمر ذا غرّة:

كأنّ الصباحَ الطلق قبّل وجهه ... وسالَ على باقيهِ صافية الخمرِ

ولما رآه الورد يحكيه صِبغة ... تعاظم واستعلى على سائر الزّهْرِ

كأنّك منه إذ جذبتَ عِنانه ... على منكب الجوزاء أو مفرق النّسْر

كأنك إذ أرسلتَه فوق موجةٍ ... تدفِّعُها أيدي الرّياح الى العبْرِ

تدفّقتما بحرينِ جوداً وجودة ... ومن أعجب الأشياء بحرٌ على بحر

وقوله يصف الهرمين:

بعيشكَ هل أبصرت أعجبَ منظراً ... على طول ما أبصرتَ من هرمي مصر

أنافا بأعنان السّماء وأشرفا ... على الجوّ إشراف السِّماك أو النّسر

وقد وافيا نشْزاً من الأرض عالياً ... كأنّهما ثديان قاما على صدْرِ

وقوله:

تقريب ذي الأمر لأهلِ النُهى ... أفضل ما ساس به أمرَهْ

هذا به أولى وما ضرّه ... تقريب أهل اللهو في النّدره

عُطارِد في جُلّ أوقاته ... أدنى الى الشّمس من الزّهْرَه

وقوله:

تفكّر في نقصان مالِك دائماً ... وتغفَل عن نقصان جسمك والعُمر

ويُثنيك خوف الفقر عن كل بُغيةٍ ... وخوفُك حال الفقر شيء من الفقر

ألم ترَ أنّ الفقرَ حكّم صرْفَه ... وأن ليس من شيء يدوم على الدّهر

فكم ترْحةٍ فيه أديلت بفرحةٍ ... وكم حالِ عُسرٍ فيه آلت الى اليسر

وقوله في أبخر كثير الكلام:

وذي حديثٍ لا ينقضي أبدَ الد ... هر على ما فيه من بخَر

يصدِمُني منه إذ يكلّمني ... تنفس المستراح في السّحر

لم أدرِ لمّا دنا أحدّثني ... أم بال في جوف منخري وخَري

وقوله يصف الاصطرلاب:

أفضل ما استحبَ النّبيل فلا ... تعدِلْ به في المُقام والسّفَر

جِرْم إذا ما التمستَ قيمته ... جلّ عن التّبرِ وهو من صُفرِ

مختصَر وهو إذ تفتّشه ... عن مُلَح العلم غير مختصر

ذو مُقلةٍ تستَبين ما رمَقَتْ ... عن صائب اللحظِ صادق النّظر

تحملُه وهو حامل فلكاً ... لو لم يُدَرْ بالبنان لم يدرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>