للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ضرّ من كمُلتْ محاسن وجهه ... لو كان يحسن في الصّنيع كما يُسي

رشأ جعلت له ضلوعي مرتعاً ... ومدامعي ورداً فلم يتأنّس

وكتمت سرّ هواه خيفةَ كاشحٍ ... مترقّبٍ لحديثنا متجسّس

فوشى به دمعي ولم أرَ واشياً ... كالدّمع يُعرب عن لسانٍ أخرس

فلن تكنّفَني الوشاة وراعني ... أسْد العرين دوَين ظبْي المكنس

فلربّ مقتبل الشّباب مقابل ... بين الغزالة والغزال الألْعس

عاطَيْته حلَبَ الكروم ودَرّها ... وخلوت منه بمُسعدٍ لي مؤنس

ثم انثنى عجِلاً يكتّم سِرّه ... ويشي به ولع الحَليّ المجرّس

كالظبي آنسَ نبأة من قانصٍ ... فرنا بمُقلة خائفٍ متوجّس

قُم يا غلام وذَر مجالسةَ الكرى ... لمهجّر يصف النوى ومغلّس

أوَ ما تَرى ذا النّور بشّر بالنّدى ... والفجر ينصل من خضاب حندس

والترْبَ من خلل الحديقة مرتوٍ ... والفجر في حُلل الشّبيبة مكتسي

والروض يبرز في قلائد لؤلؤٍ ... والأرض ترفُل في غلائل سنْدس

لا تعدِمُ اللحظات كيف تصرّفت ... وجَنات وردٍ أو لواحظَ نرجِس

والجوّ بين مفكّرٍ ومصندل ... وممسّكٍ ومورّد ومورّس

وكأنّما تُسقى الأباطح والرّبى ... بنوال يحْيى لا الحيا المتبجّس

وكأنّما نفحتْ حدائق زهرها ... عن ذكره المتعطِّر المتقدّس

يا ابْنَ الذي بجودهم وسماحهمْ ... جُبِرَ الكسير وسُدّ فقْر المُفلس

الضاربين بكلّ أبيضَ مِخذَم ... والطاعنين بكل أسرَ مِدعَس

من كل أزهَ في العِمامة أبلجٍ ... أو كُل أخزرَ في التّريكة أشوَس

سكبتْ أكفهُم المنايا والمُنى ... سكْبَ الصواعق في الغيوم الرّجَّس

ومنه يصف داره:

لله مجلسك المنيفُ قبابه ... بموطّدٍ فوق السّماك مؤسَّس

موف على حُبُك المجرّة تلتقي ... فيه الجواري بالجواري الخنَّس

تتقابل الأنوار من جنَباتِه ... فالليل فيه كالنهار المُشمِس

عطِفَتْ حناياه دوَيْن سمائه ... عطف الأهلّة والحواجب والقِسي

واستشرفتْ عُمَدُ الرّخام وظوهِرتْ ... بأجلّ من زهَر الرّبيع وأنْفَس

فهواؤه من كل قدّ أهيفٍ ... وقراره في كل خدّ أملس

فلك تحيّرَ فيه كل منجِّمٍ ... وأقرّ بالتّقصير كل مهندس

فباد للَحْظ العين أحسنَ منظرٍ ... وغدا لطيب اليش خيرَ معرّس

فاطلعْ به قمراً إذا ما أطلعَتْ ... شمس الخدور عليك شمس الأكؤس

فالناس أجمع دون فضلكَ رتبة ... والأرضُ أجمع دون هذا المجلِس

وقوله في أحبّة له ركبوا البحر مسافرين:

لا واخذ الله منْ هوَيتُهم ... بما جرى منهم على راسي

حتى إذا لجّجتْ سفائنُهم ... ولجّ وجدي بهم ووسواسي

قلت لصحبي والدمع مُستَبق ... يُظهر ما بي لأعيُن الناس

ما ركِبوا البحرَ بل جرتْ بهمُ ... في بحر دمعي رياح أنفاسي

وقوله في عود الغناء:

عجباً لهذا العود لا ... ينفكّ عن غردٍ مؤانِسْ

شدَت الحمام عليه رطْ ... باً والغواني وهْوَ يابِسْ

الشين وقوله:

تحكّمَ في مهجتي كيف شا ... سقيمُ الجفون هضيمُ الحش

سقتْه يدالحسن خمرَ الدّلال ... فعرْبَد بالصدّ لما انتشى

وصدّ يُسالِفُني شادن ... أضلّ الخميلة فاستوحَشا

حبيب كتمتُ غرامي به ... فما زال يعظُم حتى فشا

<<  <  ج: ص:  >  >>