لها في الجو وكْر لم ... ترِمْ عنه ولم ترْحَلْ
فما ترقى مع النِّسر ... ولا تهوي مع الأجدلْ
عَوانٌ نُكِحَتْ دهْراً ... فلم تعلَقْ ولم تحبَلْ
نشِبْتُ بها دهْراً ... في ساحتها أنزل
وواصلتُ مراسيها ... ولكن كنت من أسفلْ
فلما أن أصبتُ الما ... ءَ صبّ العارضُ المُسبَلْ
تنحّيْتُ ولم أستح ... يِ من فعلي ولم أخجلْ
وثِبْتُ...... ... ولم أعْيَ ولم أنْكلْ
وقوله:
حُجِبَتْ مسامعه عن العُذّال ... وأبى فليس عن الغرام بسال
ويح المتيّم لا يزال معذّباً ... بخُفوق برقٍ أو طروق خيال
وإذا البلابل بالعشيّ تجاوبت ... بعثت بأضلعه جوى البلبال
وا رحمتا لمعذّب يشكو الجوى ... بمنعّم يشكو فراغ البال
نشوان من خمرين: خمرِ زُجاجةٍ ... عبثت بمقلته وخمر دلال
كالرّيم إلا أن هذا عاطل ... أبداً وذا في كل حالٍ حالي
لا يستفيق وهل يُفيقُ بحالة ... من ريقُ فيه سُلافةُ الجِريال
علِم العدوّ بما لقيتُ فرقّ لي ... ورأى الحسودُ بليّتي فرثى لي
يا من برَى جسمي بطول صدوده ... هلاّ سمحت ولو بوعد وصال
قد كنتُ أطمعُ فيك لو عاقبتني ... بصدود عتْبٍ لا صدودِ ملال
وقوله، وذلك مما أنشدنيه الفقيه نصر بن عبد الرحمان الإسكندراني الفزاري ببغداد، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن الحسن بن معبد القرشي بالإسكندرية، قال: أنشدني أبو الصلت لنفسه بالمهديّة سنة تسع وخمسمائة في داره يصف فرساً:
وأشهب كالشِّهاب أضحى ... يلوح في مُذهَبِ الجِلال
قال حسودي وقد رآه ... يخِبّ خلفي الى القِتال
من ألجَم الصّبحَ بالثريا ... وأسرجَ البرقَ بالهلال
قال: قال أميّة: عملت هذه قبل أن أسمع بشعر ابن خفاجة الأندلسي في لاميته، له منها:
أشهبُ اللون أثقلته حُليّ ... خبّ فيهنّ فهو ملقي الجِلال
فبدا الصبح مُلجَماً بالثريّا ... وسرى البرق مُسرَجاً بالهلال
فما أعجب توارد خاطريهما، وهما في زمان واحد، في بلدين متباعدين.
وقوله في كاتب:
ومجيدٌ في النظم والنثر فذّ ... لست تدري ألفظُه الدرّ أم لا
ظلّ يملي فكان أبلغَ مُمْلٍ ... بهر السّمعَ حكمة حين أملى
وقوله:
أقول لمسرورٍ بأن ريعَ سربُنا ... وصوّح مرعانا وزلّت بنا النّعْل
لنا حسب إن غالنا الدهرُ مرّة ... وزلّت بنا نعلٌ فإنّا به نعلو
وقوله في الحث على الكسب والحركة:
لا تقعُدنّ بكِسر البيت مكتئباً ... يفنى زمانُك بين اليأس والأمل
واحتلْ لنفسِك في شيءٍ تعيش به ... فإنّ أكثر عيش الناس بالحيَل
ولا تقل إنّ رزقي سوف يدركني ... وإن قعدتُ فليس الرزق كالأجل
وقوله:
لا ترْجُ في أمركَ سعد المُشتري ... ولا تخف في فوتِه نحسَ زُحَلْ
وارْجُ وخف ربَّهُما فهو الذي ... ما شاء من خيْر ومن شرّ فعل
وقوله:
رمتني صروف الدهر بين معاشر ... أصحّهم وداً عدواً مقاتلُ
وما غربة الإنسان في بُعدِ دارِه ... ولكنها في قرب من لا يشاكل
وقوله في ثقيل:
لي جليس عجبتُ كيف استطاعت ... هذه الأرض والجبال تقلّه
أنا أرعاه مُكرَهاً وبقلبي ... منه ما يتلفُ الحياة أقلّه
فهو مثل المشيب أكره مرآ ... هـ ولكن أصونه وأجلّه
الميم وقوله:
كبدٌ تذوب ومقلة تدمى ... فمتى أطيقُ للوْعتي كتما
يا تاركي غرضاً لأسهُمِه ... إذ لم تخفْ دركاً ولا إثْما
زدني جوًى بل استَزِدْكَ جوًى ... وإذا ظلمت فعاود الظّلما
فالحبّ أعدلُ ما يكون إذا ... صدعَ الفؤادَ وأنحلَ الجسْما