الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، لما ذكر المؤلف أحكام الإجارة وهي تتعلق بالعين المؤجرة في كل ما سبق ذكر ما يتعلق بالأجرة، والأُجرة هي العِوض التي اتفق عليها المتعاقدانِ، سواء كانت دراهم نقدًا أو عينًا أو منفعة، ولهذا يجوز استئجار منفعة بمنفعة، واستئجار عين بمنفعة، واستئجار عامل يعمل بمنفعة، فالمهم أن الأجرة هي ما يصح عقْد البيع عليه سواء كان منفعة أو عينًا أو نقدًا، تجب بالعقد؛ أي بعقد الإجارة، لكنها لا تستحق إلا بتسليم العمل الذي في الذمة، أو تسليم العين مع مُضِيِّ المدة.
وقوله:(إن لم تُؤجَّل) لأنها إذا أُجِّلت فقد رضي كلا الطرفين ألا تجب إلا بعد تمام الأجل، مثل أن أقول: أجَّرتك بيتي هذا بعشرة آلاف تحل في شهر محرم عام ثمانية عشر، فالأجرة الآن لم تجب؛ لأن الطرفين اتفقا على أن تكون متى؟ مؤجلة إلى محرم.
وتستحق بأمور: منها تسليم العمل الذي في الذمة؛ فإذا استأجرت عاملًا على أن يحرث لك هذه الأرض، وحرثها، استحق الأُجرة الآن، بكل حال؛ لأنه أدَّى ما عليه فاستحق ما له.
كذلك أيضًا تُستحق بتسليم العين المؤجرة إذا مضت المدة، سواء انتفع بها المستأجر أو لا، فإذا استأجرت بيتًا من شخص وسلَّمك المفتاح، ثم مضت المدة وأنت لم تسكنه، ولم تُؤجره، ولم تُسكنه أحدًا تبرعًا، فإن الأجرة ثابتة عليك؛ لماذا؟ لأنه سلَّمك العين التي وقع العقد عليها، وتسليم العين التي وقع عليها العقد بمنزلة تسليم العمل الذي في الذمة.
لكن لو منعه من هذه العين يد ظالمة قادرة على منعه، فهل نقول: إن الأجرة تُرد على صاحب العين؟ أو نقول: إن الظلم وقع على المنفعة التي استأجرها الأجير لها؟