بقينا فيه شرط ذكره الفقهاء وهو أن يطالب المسروق منه بماله، فإن لم يطالب فإنه لا قطع، وهذا القول خلاف الصحيح، الصحيح أنه لا يُشْتَرَط المطالبة، متى ثبتت السرقة فإنه يجب أن يقام الحد؛ لأن هذا هو ظاهر القرآن والسنة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية على أنه ليس بشرط أن يطالب المسروق منه بماله؛ لأن هذا حد لله، كما أنه ليس من الشرط أن تطالب المرأة بانتهاك عرضها فيما لو زنى بها رجل كُرْهًا، فإنه يقام عليه الحد وإن لم تطالب به.
فالحدود ليست مبنية على مطالبة الناس، الذي يُشْتَرَط فيه المطالبة هو ضمانه المال، ولَّا لا؟ ضمانه المال للمسروق منه، إذا لم يطالب به ما نقول: لازم تطالب بمالك، وأما إذا ثبت أن هذا الرجل سارق فإننا نقيم عليه الحد؛ لأن الغرض من إقامة الحد ليس مجرد العدوان على هذا الشخص الذي أسقط حقه، ولكن العدوان على الأمن العام، على أمن الناس العام.
ولنفرض أن هذا الرجل مثلًا أُعْطِيَ دراهم ولم يطالِب، أو أنه قريب للسارق فلم يطالبه، هل تسقط الحدود بمثل هذا مع أننا نريد حماية غير هذا الرجل؟ نحن نريد حماية المجتمع كله، فالصواب في هذه المسألة أنه ليس بشرط أن يطالب المسروق منه بماله.
وأما قضية صفوان بن أمية فيمن سرق رداءه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يده، فقال: يا رسول الله، هو له، لما شاف أنه تقطع يده كأنه -رضي الله عنه- رَحِمَهُ وَرَقَّ له، فقال:«هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟ »(٧)، فهذا ما يدل على أنه لا بد من المطالبة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما علم بهذا السارق إلا من طريق صفوان، فلو أن صفوان سكت واتفق ويَّاه على شيء في ردائه ما حصل من هذا إشكال.
طالب:( ... ).
الشيخ: إي نعم، حتى لو وصل عن طريق شرعي، يعني إذا جاء ناس يشهدون بأن فلانًا سرق، وذاك ما طالَب، ما يُتَعَرَّض له.