للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال: (وإن وصَّى بماله لابنيه وأجنبي فردَّا) أي: ردَّا الوصية، إذا ردَّا الوصية بالمال كله ترجع إلى ثلث المال (فله التسع).

***

[باب الموصى به]

ثم قال المؤلف: (باب الموصى به) الموصى به ذكرنا فيما سبق أنه إما مال يتبرع به وإما تصرف يتصرف فيه الموصى إليهم؛ فمن أوصى شخصًا بالنظر على أولاده الصغار فهذه وصية بماذا؟

طلبة: بالتصرف.

الشيخ: بالتصرف، ومن أوصى بمئة تُجْعَل في مسجد تصرَّف بمال. الموجود هنا الوصية بالمال.

قال: (تصح بما يُعْجَز عن تسليمه كآبق وطير في الهواء) (تصح الوصية بما يعجز عن تسليمه) أي بالذي، ويجوز أن تكون (ما) نكرة موصوفة أي بشيء يعجز عن تسليمه.

فـ (ما) هنا تصح أن تكون موصولة أو نكرة موصوفة؛ إن كانت موصولة فالتقدير بالذي يعجز عن تسليمه، وإن كانت نكرة موصوفة فالتقدير بشيء يعجز عن تسليمه. والمعنى لا يختلف.

(بما يعجز عن تسليمه كآبق) آبق هو العبد هرب من سيده؛ وعلى هذا نقول: (آبق) صفة لموصوف محذوف التقدير كعبد آبق.

فإذا كان شخص له عبد آبق فأوصى به لآخر قال: عبدي فلان -وهو آبق- أوصيت به لفلان فالوصية صحيحة، كيف يصح بعبد آبق لا ندري هل يأتي أو لا يأتي؟

نقول: لأن الوصية تبرع والموصى له فيها إما سالم وإما غانم، وهذا ليس بغرر إذا كان الأمر دائرًا بين السلامة والغنم فهذا ليس بغرر؛ الموصى له إن جاء العبد فقد غنم، وإن لم يأت فقد سلم ما جاءه شيء.

وربما يكون العبد هرب من سيده فإذا علم بأنه أوصى به لزيد حضر، أليس كذلك؟ ربما يكون سيده يؤذيه ويعذبه ويضربه ويوبخه فهرب فلما مات أوصى به لشخص معروف بالكرم والسماحة والعبادة والعلم، فلما علم العبد قال: هذا ما أريد؛ حضر، استفاد الموصى له ولَّا لا؟

وتصح أيضًا بـ (طير في الهواء)، كيف طير في الهواء؟ مثل أيش؟ حمام. إنسان له حمام طائر تطير في الهواء فقال: أوصيت بحمامي التي تطير لزيد يجوز؟ يجوز، والعلة ما سبق أنه إما سالم وإما غانم.

<<  <  ج: ص:  >  >>