للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: (قضاء الواجبات) الواجبات: كل ما يجب على الإنسان بذله؛ كالديون لله أو للآدمي، والنفقات الواجبة للزوجة أو للأقارب، والكفارات، والنذور، فلا بد أن يقضي هذا الشيء؛ فمن كان عنده مال إن قضى به الدين لم يتمكن من الحج، وإن حج لم يقض به الدين، فهل نقول: هذا قادر؟ لا، لا يكون قادرًا إلا بعد قضاء الديون والكفارات، وغيرها.

فإذا قال قائل: لو أن صاحب الدين أذن له أن يحج فهل يكون قادرًا؟

فالجواب: لا؛ لأن المسألة ليست مسألة إذن أو عدم إذن، المسألة شغل الذمة أو عدم شغلها، ومن المعلوم أن صاحب الدين إذا أذن للمدين أن يحج فإن ذمته لا تبرأ من الدين، يبقى الدين في ذمته.

إذن فنقول: الحج الآن ليس واجبًا عليه، اقض الدين أولًا، ثم حج، وأنت لو لاقيت ربك قبل أن تحج ولم يمنعك من ذلك إلا قضاء الدين فإنك تلاقي ربك كامل الإيمان؛ لأن الحج في هذه الحال لم يجب عليك، فكما أن الفقير لا تجب عليه الزكاة، ولو لقي ربه للقي ربه على إسلام تام، فكذلك هذا المدين الذي لم يتوفر لديه مال يقضي به الدين ويحج به يلقى ربه وهو تام الإسلام.

وما يفعله أو ما يظنه بعض المدينين الآن من أن العلة هي عدم إذن الدائن فإنه لا حقيقة له ولا أصل له، ليست العلة أن الدائن أذن أو لا يأذن، العلة أن الذمة تبقى مشغولة أو تبرأ، هذه العلة، ومعلوم أنه لو أذن له أن يحج فهل يبرأ من شيء من الدين؟ أبدًا.

فإذا قال قائل: لو أنه أمكنه أن يحج ..

والنفقاتِ الشرعيَّةِ والحوائجِ الأَصليَّةِ، وإن أَعْجَزَه كِبَرٌ أو مَرَضٌ لا يُرْجَى بُرْؤُه لَزِمَه أن يُقيمَ مَن يَحُجُّ ويَعتمِرُ عنه من حيث وَجَبَا ويُجزئُ عنه، وإن عُوفِيَ بعدَ الإحرامِ، ويُشترَطُ لوُجوبِه على المرأةِ وُجودُ مَحْرَمِها وهو زوجُها أو مَن تَحْرُمُ عليه على التأبيدِ بنَسَبٍ أو سببٍ مُباحٍ، وإن ماتَ مَن لَزِمَاه أُخْرِجَا من تَرِكَتِه.

(بَابُ المَوَاقِيْتِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>