لكن عندنا الآن حصر المسألة: المذهب: أنه إذا أُخذ نعله أو نحوه ووجد موضعه غيره فهو لُقطة مطلقًا.
القول الثاني: أنه يُنظر للقرائن، فإذا وُجدت قرائن تدل على أن صاحب النعل أخذ نعلك، وأبقى لك هذا النعل فإنه لا يكون لُقَطة؛ وإنما يكون لواجِده، ولكن في هذه الحال ينبغي أن يتأنَّى بعض الشيء لعل صاحبه يرجع، فإذا أيس منه أخذه، فإن كان أدنى من نعله اكتفى به، وإن كان أعلى وجب عليه أن يتصدق بالفرْق بين قيمتي النعلين.
[باب اللقيط]
ثم قال المؤلف رحمه الله:(باب اللقيط)، أعقبه بباب اللُّقطة والمناسبة واضحة؛ لأن اللُّقطة ضياع الأموال، وهذا ضياع الأبدان والآدميين؛ فلذلك ناسب أن يجعلوا باب اللقيط عند باب اللقطة، وإلا فله مناسبات أخرى كمناسبة باب ما يلحق من النسب، وما لا يلحق، وكذلك في الميراث تحقق أنه وارث أو غير وارث، لكنه أشبه ما يكون بأيش؟
طالب: باللقطة.
الشيخ: باللقطة؛ فلذلك جعلوه تابعًا له.
(اللقيط) في اللغة العربية (فعيل) بمعنى (مفعول)؛ لأن فعيلًا في اللغة العربية تأتي بمعنى (مفعول) في مواطن كثيرة، يُقال: قتيل بمعنى (مقتول)، وجريح بمعنى (مجروح)، وإلا فالأصل أن فعيلًا بمعنى (فاعل)، لكنها قد تأتي بمعنى (مفعول) حسب السياق والقرائن.
قال:(وهو طفل) هذا التعريف الاصطلاحي، (طفل)، والطفل من دون التمييز.
(لا يُعرف نسبه) أي لا يُدرى لمن هو. (ولا رِقه) فلا يُدرَى أهو حُرٌّ ينتسب إلى فلان بن فلان أو رقيق يملكه فلان أو فلان ما يدري.
يقول:(نُبِذَ أو ضل) أما قوله: (نُبِذ) فنعم يعني نعرف أنه نُبِذ، لكن كيف نعرف أنه نُبِذ؟
بالقرائن، نعرف أنه منبوذ؛ يعني أن صاحبه -أي: صاحب هذا الطفل- قد نبذه وطرحه لا يريده، وهذا من المعلوم أنه لا يُتصوَّر غالبًا إلا فيمن لا يستطيع المشي كطفل في المهد وجدناه مثلًا في المسجد، وجدناه في الحمَّامات، وجدناه على الأرصفة، وغلب على ظننا أنه أيش؟