بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[مدخل]
(كتاب الشهادات) أولًا: تعريف الشهادة، الشهادة تكون من المشاهدة، وهي الرؤية بالعين، ومن الشهود يكون الحضور، وعلى هذا فهي في اللغة تعود إلى هذين المعنيين؛ شهود بمعنى الحضور كما قال الله تعالى:{إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}[يونس: ٦١] شهودًا يعني يشاهدكم وهو سبحانه وتعالى مع الخلق، وإن كان على عرشه، وكذلك أيضًا من الشهادة كقوله تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ}[الزخرف: ٨٦].
إذا تعدت بنفسها فهي تصلح بمعنى الحضور، وبمعنى المشاهدة بالعين؛ تقول: شهدت كذا، أما إذا تعدت بالباء فهي بمعنى الشهادة في الشيء، وهي الإخبار عما علمه، وهل يشترط أن تكون بلفظ: أشهد أو لا؟
فالمشهور من المذهب أنها لا بد أن تكون بلفظ أشهد فقال:(إخباره بما علمه بلفظ أشهد ونحوها).
وقيل: إنه لا يشترط هذه الزيادة وأنه متى أخبر بالشيء فقد شهد به؛ ولهذا مما قيل للإمام أحمد: إن فلانًا يقول أقول: إن العشرة في الجنة ولا أشهد، قال: إنه إذا قال فقد شهد.
إذن فهي إخبار عما يعلمه سواء بلفظ: أشهد، أو بلفظ: أقول، أو ما أدى معناها، وحكمها تحمُّل وأداء، حكمها أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي لم تجب على الآخرين؛ لأن المقصود بها حفظ الحقوق المشهود بها، والتحمل لفظ الشهادة، والأداء إبراز الشهادة؛ فالتحمل يكون المشهود له محتاجًا إليها عند وقوع الشيء المشهود به والأداء يكون محتاجًا إليها عند الحكم له به، وكلاهما فرض كفاية.