والدليل الثالث: إخباره عن الرَّجُلين اللذين يُعذَّبان في قبريهما؛ بأن أحدهما كان لا يَسْتَنْزِهُ من البول (٢٣)؛ فهذه أدلة على وجوب اجتناب النجاسة في البدن.
في المكان: قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة: ١٢٥]، هذا دليل.
ولما بال الأعرابيُّ في طائفة المسجد؛ أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بماذا؟ بذَنُوبٍ من ماء فأُريق عليه (٢٤).
إذن فلا بد من اجتناب النجاسة في هذه المواطن الثلاثة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- الكلام على اجتناب النجاسة مفصلًا في كلام المؤلف.
الطهارة من الحدث، والطهارة من النجس.
[باب مواقيت الصلاة]
ثم شرع المؤلف -رحمه الله- في بيان أوقات الصلاة تفصيلًا، فقال:(فوقت الظهر من الزوال)، بدأ بها المؤلف؛ لأن جبريل بدأ بها حين أم النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض العلماء يبدأ بالفجر؛ لأنها أول صلاة النهار؛ ولأنها هي التي يتحقق بالبداءة بها أن تكون صلاة العصر الوسطى، والخطب في هذا سهل؛ يعني سواء بدأنا بالظهر أو بدأنا بالفجر، المهم أن نعرف الأوقات، قال:(فوقت الظهر من الزوال إلى مساواة الشيء فيئه) أي: ظله (بعد فيء الزوال).
يقول بعض أهل اللغة: الفيء هو الظل بعد الزوال، وأما قبله فيُسمَّى ظِلًّا، ولا يسمى فيئًا، وما قالوه له وجه؛ لأن الفيء مأخوذ من فاء يفيء، كأن الظل رجع بعد أن كان ضياء، أما الذي لم يزل موجودًا فلا يسمى فيئًا؛ لأنه لم يزل مظلمًا؛ فمثلًا في هذا الوقت نجد أن الجهة الجنوبية مما له جسم وهي الشمالية في الواقع؛ جهة الشمال عنه، نجدها دائمًا ظلالًا، أليس كذلك؟ هذا لا يسمى فيئًا، لكن إذا وجدنا أن الشمس أضاءت على هذا المكان، ثم بعد زوالها صار الظل نسمي هذا فيئًا.