الشيخ: نعم، إذن نقول: إذا تحمَّل أحدهما ضمان الغصب فإن كان مشروطًا في العقد فسد العقد، وإن لم يكن مشروطًا ولكن صاحبه تحمَّله بعدُ نعم فلا بأس؛ لأن هناك فرقًا بين الشرط وبين ما يقع بعد ذلك، الظاهر إن شاء الله أن المهم من هذا أخذناه.
***
[باب المساقاة]
نقرأ درسًا جديدًا.
(باب المساقاة) المساقاة: أصلها مساقْيَة، لكن تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقُلِبَت ألفًا، إذا تحركت الياء وانفتح ما قبلها تُقْلَب ألفًا، فهذه مساقَيَة، فيقال: مساقَاة، فهي مفاعَلة، والمفاعَلة لا تكون غالبًا إلا من طرفَيْن.
وقولنا: لا تكون غالبًا، من غير الغالب: سافَر يسافر أيش؟ مسافَرة، هل معه أحد في الغالب في السفر؟ لا، لكن الغالب أن المفاعَلة لا تكون إلا بين اثنين.
إذن المساقاة أنها عقد بين طرفين، وهي أن يدفع شجرًا لمن يقوم عليه بجزء من ثمره، وهي جائزة بالسنة، وجائزة بالنظر الصحيح.
أما السنة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما فتح خيبر طلب منه أهلها أن يعاملهم، وقالوا: نحن نكفيكم المؤونة ولنا شطر الثمرة؛ لأنهم -أي: أهل خيبر- كانوا عالِمِين بالفِلَاحة، والصحابة رضي الله عنهم كانوا مشتغلين بالجهاد عن العمل في هذه المزارع، فعامَلَهُم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع (٤)، بشطر يعني: نصف.
إذن السُّنَّة دلَّت على جوازها، النظر الصحيح كذلك يدل على الجواز؛ لأنها من المصلحة، قد يكون الإنسان مالكًا لبساتين كثيرة لا يستطيع القيام بها، ويكون هناك أُناس عاطلون عن العمل يحتاجون إلى عمل، فإذا انضم كثرة البساتين عند هذا وحاجة العمال إلى العمل صار من المصلحة أن نجوِّز أيش؟ المساقاة، ونقول: ادفعها لهؤلاء العمال بجزء من الثمرة، فصارت المساقاة الآن على شجر ما هي على أرض، ولا على زرع، على شجر له ثمر.
فهل هي من العقد الجائز -وأقول: جائز، من ناحية الحكم التكليفي- أو من المحرَّم؟