والاختلاف بين أهل العلم هو بالنسبة للمختلفين تسعهم رحمة الله سبحانه وتعالى، ولا يؤاخَذون بهذا الاختلاف؛ من أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، لكن بالنسبة لمقلديهم إذا تبين لهم الحق فإنه لا يجوز لهم أن يتبعوا عالمًا على خطئه، هو قد يُعذر بخطئه لكن نحن الذين نريد أن نقلده إذا علمنا أن قوله مخالفٌ للسنة فإنه لا يجوز لنا أن نقلده، حتى لو قال قائل: أليس هذا إمامًا؟ نقول له: بلى، لكنه إمامٌ أخطأ، وكل إنسانٍ يمكن أن يخطئ، هو في نفسه معذور؛ حيث أخذ بهذا القول المخالف للسنة؛ لأننا نعلم أنه أداه إليه اجتهاده، لكن أنت أيها المقلِّد غير معذور حينما يتبين لك الحق.
ولهذا يقال: إن أقوال أهل العلم يُحتَج لها ولا يحتج بها؛ هي ما هي بحجة ما لم يكن إجماع، إذا كان إجماع فالمسألة خارجة عن هذا الموضوع؛ ولهذا نقول: مع ترجيح الراجح من أقوال أهل العلم.
وقد سبق لنا غير مرة أنه لا يمكن الترجيح إلا بسلوك أمرين: أحدهما تقوية الجانب المرجِّح، والثاني دفاع قول الخصم وأدلته؛ يعني ما يمكن لك أن تبغي ترجح قولًا وتقول: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو لأن القرآن يقول الله فيه كذا، لا ما يكفي هذا، حتى أيش؟ حتى تدفع حجة خصمك، فإذا دفعتَ حجة الخصم وأثبتَّ حجتك حينئذٍ يتبين الراجح.
يراجع عليها في الحديث بلوغ المرام، والمنتقى وشروطهما، وهذا طبعًا لا بد أن نعتني به؛ يعني ما نقتصر على شرح المدرِّس؛ لأن المدرس يفوته بعض الشيء، فلا بد لطالب العلم أنه هو بنفسه يرجع إلى الكتب التي ألفها أهل العلم في هذا الأمر.
أما في الفقه فهو الروض المربع، والمغني، واختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن حصل الفتاوي فهي أولى؛ لأن الاختيارات في الحقيقة يُذْكر فيها رأي الشيخ مجردًا عن الدليل والتعليل، في الغالب، لكن الفتاوي إذا تكلم فإنه يذكر الدليل والتعليل.