للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصل عدم ذلك، هذا قَتْل نفسٍ، لكن لوجود القرينة -وهي العداوة الظاهرة بين القبيلتين- تُجْرَى القسامة، وإذا حلف أولياء المقتول خمسين يمينًا أن هذا الرجل هو الذي قتل صاحبهم قُتِل، فهذا حكم بالقرينة.

فينبغي أن يقال: إن إطلاق الفقهاء في مثل هذا ما لم تكن قرينة قوية تغلب على الأصل، فإذا وُجِدت قرينة قوية تغلب على الأصل فإنه يُعمَل بها، قد تكون قرينة أقوى من البينة؛ لأن مثل هذا مثالنا نرجع إليه مُعِير ومستعير.

المستعير رجل أمين صدوق حافظ ادَّعى أنه رد العاريَّة، وصاحب العاريَّة بالعكس، هنا يكاد الإنسان يشهد أن القول قول المستعير، وربما تكون هذه القرينة أقوى من أن يأتي بشاهد واحد ويحلف معه، أو يأتي بشاهِدَيْن أو شاهد وامرأتين.

فعلى كل حال ما ذكروه -رحمهم الله- في هذه المسائل ينبغي أن يقال: أن يُقيَّد بما إذا لم توجَد قرينة قوية تؤيد أحد المدَّعِيَيْن فيُعمل بها.

[باب الغصب]

ثم قال المؤلف رحمه الله: (باب الغصب)؛ (الغصب) مصدر غصب يغصب غصبًا.

وعرَّفه المؤلف بقوله: (هو الاستيلاء على حق غيرِه قهرًا بغير حق)، هذا الغصب.

فقوله: (على حق غيره قهرًا) خرج به السرقة، وخرج به الاختلاس، وخرج به الانتهاب، وما أشبه ذلك؛ لأن السرقة والاختلاس والانتهاب ليست قهرًا.

وقوله: (بغير حق) خرج به ما إذا استولى عليه بحق، فإذا استولى عليه بحق فإنه ليس بغاصب.

مثال ذلك: أَخْذ الولي أموال اليتامى وحفظها، والقيام عليها والاتجار بها، وما أشبه ذلك، هذا حق، فلا يُعَدّ الولي إذا أخذ مال اليتيم وتصرف فيه ببيع وشراء لمصلحة اليتيم لا يُعَدّ غاصبًا.

وقوله -رحمه الله-: (مِن عقار ومنقول) هذه بيان للحق، يعني: سواء كان الحق عقارًا كالأراضي والأشجار والبيوت، أو كان منقولًا؛ وهو ما يُنْقَل عادة، مثل: السيارات والأثاث من فُرُش وغيرها، وكذلك الأغراض اليدوية كالساعة والقلم وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>