للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رحمه الله تعالى: (كتاب الإقرار)، (الإقرار) مصدر أقر يُقِرّ، وهو اعتراف الإنسان بما عليه لغيره من حقوق مالية، أو بدنية، أو غير ذلك، وأخَّر المؤلف الكلام على الإقرار وإن كان له علاقة بالبيع وغيره؛ تفاؤلًا بأن يُختم له بالإقرار بالتوحيد، وسلك كثير من الفقهاء هذا المسلك، وبعضهم ختم كتاب الفقه بكتاب العتق تفاؤلًا بأن يُعتقه الله تعالى من النار، ولكلٍّ وجه، لكن الإقرار أتمُّ؛ لأن من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله، دخل الجنة، فمن كان آخر كلامه الإقرار بالتوحيد فإنه يدخل الجنة، ودخول الجنة أبلغ من العتق من النار، وإن كان يلزم من العتق من النار دخول الجنة، إذن الإقرار هو اعتراف الإنسان بما عليه من حقوق مالية أو غيرها.

[شروط صحة الإقرار]

وله شروط، أشار إليها المؤلف بقوله: (يصحّ من مكلَّف)، المكلف: هو البالغ العاقل، فالمجنون لا يصح إقراره؛ لأنه لا حكم لقوله، سواء أقر بمال، أو بعقد، أو بطلاق، أو بغير ذلك؛ لأنه لا حكم لقوله؛ إذ هو صادر بغير قصد، وكذلك الصغير لا يصح إقراره؛ لأنه غير مكلَّف إلا فيما يصح تصرفه فيه، فإنه يصح إقراره ويؤاخذ به، مثل: إذا أُعطي شيئًا يتصرف فيه ببيع من الأمور التي جرت العادة بأنه يتصرف فيها، كالتصرف في الدجاجة -مثلًا- والبيضة، والشيء اليسير، فالإقرار هنا يصح؛ لأنه واقع ممن يصح منه العقد، فصح الإقرار به.

فإطلاق المؤلف -رحمه الله- كلمة (مكلَّف) فيه شيء من النظر، وقد يقال: إن صحة تصرف الصغير بما ذُكر لا يمنع من الإطلاق؛ وذلك لأنه مفهوم، والمفهوم كما يقولون: ليس له عموم؛ لأنه هنا: (من مكلَّف) هذا مَنْ يصح منه، مفهومه: غير المكلف لا يصح، وهو الصغير، وصورة المخالفة تصدق بصورة واحدة، أو حكم المخالفة يصدق بصورة واحدة، فإذا وجِدَت صورة واحدة يصدق عليها حكم المخالفة فلا ضرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>