المهم أن هذا النقاش يتعلق بأصول الفقه، وهو أن يقال: مفهوم قول المؤلف (من مكَلَّف) أن غير المكلف لا يصح إقراره، فيشمل من؟ المجنون والصغير، أما المجنون فلا استثناء فيه، وأما الصغير ففيه استثناء.
فإذا قال قائل: إذا كان فيه استثناء، فلماذا لم يستثنِ المؤلف؟
فالجواب من وجهين: إما أن يقال بأن المفهوم لا عموم له، ويصدق حكمه بصورة واحدة، فإذا وجدت صورة واحدة يختلف فيها الحكم عن المنطوق كفى، أو يقال: إن المؤلف أطلق؛ لأن الأمر معلوم بأن من صح تصرفه في شيء صح إقراره به وعليه، وقد مَرَّ علينا في كتاب البيع أنه يصح البيع من صغير بما جرت به العادة كالأشياء اليسيرة.
هذا الشرط الأول: أن يكون من مكَلَّف.
الشرط الثاني:(مختارٍ)، وضده المُكْرَه، فلا بد أن يكون المُقِر مختارًا لإقراره ولِمَا أقر به، فإن كان أقر باختياره بمئة وأُكره على أن يُقر بمائتين، فالإقرار لا يصح بالمئتين، لكن يصح بالمئة، وإن كان لا يُقرّ بشيء فأُكره على أن يقر بمئة لم يصح إقراره مطلقًا؛ لأنه لا بد أن يكون مختارًا، ما الدليل؟
الدليل قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، فكل العقود لا بد فيها من التراضي، فالمكره لا يقع منه أي عقد أو إقرار.
الثالث:(غير محجور عليه)، المحجور عليه: هو الممنوع من التصرف، ثم هو قسمان: محجور عليه لحظ نفسه، وهم ثلاثة: الصغير، والمجنون، والسفيه، هؤلاء محجور عليهم لحظ أنفسهم، وقد سبق الكلام عليهم في أول الأمر.
الثاني: المحجور عليه لحظ غيره، وهو الْمُفَلَّس، الذي دَيْنُهُ أكثر من موجوداته، هذا يحجر عليه لكن لغيره، لحظ غيره، مثل: رجل عليه مئة ألف درهم دينًا، وماله ثمانون ألف درهم، وطلب الغرماء الحجر عليه من أجل توزيع موجوداته عليهم، فهذا يحجَر عليه.