يعني مثلًا الركعة الأولى استغرقت نصف ساعة، الثانية إذا أتمها خفيفة تستغرق كام؟ خمس دقائق، فظاهر كلامه أن الأمر يكون كذلك، وحينئذٍ تكون الصلاة وكأنها جذماء مقطوعة بعض الأعضاء، لكن حجتهم في هذا يقولون: لأن السبب الذي شُرعت له الصلاة قد زاد فيقتصر عليه، وقالوا أيضًا: لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «صَلُّوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»(٢٢).
«حَتَّى يَنْكَشِفَ» وحتى للغاية، وهذا الحديث كما يمنع ابتداء الصلاة مرة أخرى يمنع أيضًا الاستمرار فيها واستدامتها ..
وإن غابَت الشمسُ كاسفةً أو طَلَعَتْ والقمرُ خاسفٌ أو كانت آيةً غيرَ الزلزلةِ لم يُصَلِّ. وإن أتى في ركعةٍ بثلاثِ ركوعاتٍ أو أربعٍ أو خَمْسٍ جازَ.
[باب صلاة الاستسقاء]
إذا أَجْدَبَت الأرضُ وقَحَطَ المطَرُ صَلَّوْهَا جماعةً وفُرَادَى، وصِفَتُها في مَوْضِعِها وأحكامُها كعيدٍ.
وإذا أرادَ الإمامُ الخروجَ لها وَعَظَ الناسَ وأَمَرَهم بالتوبةِ من المعاصي والخروجِ من الْمَظالِمِ وتَرْكِ التشاحُنِ والصيامِ والصدقةِ ويَعِدُهم يومًا يَخْرُجُون فيه ويَتَنَظَّفُ ولا يَتَطَيَّبُ
فيقتصر عليه، وقالوا أيضًا: لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «صَلُّوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ»(١)، «حَتَّى يَنْكَشِفَ» و «حَتَّى» للغاية. وهذا الحديث كما يمنع ابتداء الصلاة مرة أخرى يمنع أيضًا الاستمرار فيها واستدامتها.
يقول رحمه الله:(فإن تجلَّى الكسوف فيها أتمها خفيفة، وإن غابت الشمس).
إن لم يُعلم بالكسوف إلا بعد انجلائها، فهل يُقضى؟ لا؛ لأننا ذكرنا قاعدة مفيدة، وهي أن كل عبادة مقرونة بسبب إذا زال السبب زالت مشروعيتها. فالكسوف مثلًا إذا تجلت الشمس، أو تجلى القمر، فإنها لا تعاد؛ لأنها مطلوبة لسبب وقد زال، ويُعبِّر الفقهاء -رحمهم الله- عن هذه القاعدة بقولهم: سُنَّة فات محلها.