وقال بعض العلماء: بل يُشرع بعدها خُطبتان كالاستسقاء؛ لأنها صلاة رهبة فَشُرِعَ لها خطبتان كالاستسقاء، ولكن هذا قياس غير صحيح لو قاسوها على العيدين في الخطبتين، لكنه لا يصح قياسها على العيدين؛ لأن صلاة العيدين صلاة فرح وسرور، الاستسقاء ليس فيه إلا خطبة واحدة إلا على قول بعض العلماء الذي عمم أنها كصلاة العيد، وسيأتي إن شاء الله.
وقال بعض العلماء: بل يُسن لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح أنه يسن لها الخطبة؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من صلاة الكسوف قام، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:«أَمَّا بَعْدُ»(٢١)، ثم وعظ الناس، وهذه الصفات صفات الخطبة.
وقولهم: إن هذه موعظة؛ لأنها عارضة نقول: نعم، لو وقع الكسوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى ولم يخطب لقلنا: إنها ليست بسُنَّة، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة.
وجاء بعدها هذه الخطبة العظيمة التي خطبها وهو قائم، وحمد الله وأثنى عليه، وقال:«أَمَّا بَعْدُ»، ثم إن هذه المناسبة للخطبة مناسبة قوية من أجل تذكير الناس، وترقيق قلوبهم وتنبيههم على هذا الحدث الجلل العظيم.
فالصواب ما ذهب إليه الشافعي -رحمه الله- أنه يُسن لها خطبة واحدة لا خطبتان.
قال:(فإن تجلى الكسوف فيها أتمها خفيفة)(فيها) الضمير يعود على؟
طلبة: الصلاة.
الشيخ: الصلاة، (إن تجلى الكسوف) يعني كسوف الشمس أو القمر؛ لأنا ذكرنا في الدرس الماضي أن الكسوف عند الإطلاق يشمل الشمس والقمر، أما إذا اقترنا فالكسوف للشمس والخسوف للقمر. إن تجلى أتمها خفيفة، ولكن كيف يعلم أنه تجلى؟
يعلم بالرؤية إن كان في النهار فالأمر واضح، وإن كان في الليل فكذلك، ولكن إذا كان تحت السقف، فكيف يعلم؟
طلبة: يُخبر.
الشيخ: إي نعم، يمكن يُخبَر. على كل حال إذا علم بأن الكسوف تجلَّى أتمها خفيفة، وظاهر كلامه حتى لو كانت خفة الركعة الثانية بالنسبة للأولى بعيدة جدًّا.