يقول:(ويستحب غُسلها لكل صلاة) يعني: أن غُسل المستحاضة لكل صلاة مستحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك (٤)، ولكن هذا إن قويت أن تغتسل لكل صلاة، وإلا فإنها تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وبدلًا من أن تغتسل خمس مرات تغتسل ثلاث مرات، أهون عليها، وهذا الاغتسال ليس بواجب، الاغتسال الواجب هو ما كان عند إدبار الحيضة، وما عدا ذلك فإنه سنة، ومع كونه سنة من الناحية الشرعية ففيه فائدة من الناحية الطبية -أعني الاغتسال- لأنه يوجب تقلص الأوعية؛ أوعية الدم، وإذا تقلصت انسدت، فيقل النزيف، وربما ينقطع بهذا الاغتسال؛ لأن دم الاستحاضة -كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام- دم عِرْق (٥)، ومعروف أن العُروق تتصلب مع البرودة، والدم أيضًا يتجمد، فيكون في اغتسالها فائدة طبية.
***
[باب النفساء]
ثم قال المؤلف:(وأكثر مدة النفاس أربعون يومًا) النفاس هذا هو آخر الدماء؛ لأن الدماء: حيض، واستحاضة، ونفاس، وبعضهم يزيد نوعًا رابعًا: وهو دم الفساد، وبعضهم يُدخِل دم الفساد في دم الاستحاضة.
(أكثر مدة النفاس أربعون يومًا) أولًا: نفسر النفاس، هل هو بكسر النون أو بضمها؟ هو بكسر النون؛ من: نَفَّس الله كُربته، فهو نفاس؛ لأنه نُفِّس للمرأة به، فإن المرأة بلا شك تتكلف الحمل، وتتكلف أيضًا عند الولادة، قال الله تعالى:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}[لقمان: ١٤]، وقال:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}[الأحقاف: ١٥]، فإذا ولدت نُفِّس عنها، فهو مأخوذ من هذا؛ من قولهم: نَفَّس الله كربته؛ لما فيه من تنفيس كربة المرأة.
والنفاس تعريفه: دم يخرج من المرأة بعد الولادة أو معها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق، أما بدون طلق فالذي يخرج قبل الولادة ليس بشيء؛ دم فساد، لكن إذا كان فيه طلق وبدأ يخرج الدم مع هذا الطلق قبل الولادة بيومين أو ثلاثة فهو نفاس.