فإذا قلت: كيف نعرف أنه قبل الولادة بيومين أو ثلاثة؟ هذه امرأة أحست بالطلق وصار الدم يخرج منها، لكن هل تعلم أنها ستلد خلال يومين أو ثلاثة؟ لا تعلم، إذن ما الأصل؛ أن تجلس أو ألَّا تجلس؟
نقول: الأصل ألَّا تجلس، لكن عندنا ظاهر يَقْوى على هذا الأصل وهو الطلق؛ فإن الطلق قرينة على أن هذا الدم دم نفاس، وعلى هذا فتجلس لا تصلي، ثم إن زادت عن اليومين قضت ما زاد؛ لأنه أصبح غير نفاس.
وقال بعض العلماء: إنه لا نفاس إلا مع الولادة أو بعدها، وأن ما تراه المرأة قبل الولادة ولو مع الطلق فليس بنفاس.
وبناءً على هذا القول تكون المرأة مستريحة، فماذا تصنع مع وجود الدم؛ تصلي ولَّا لا؟ تصلي وتصوم، ولا حرج عليها في ذلك؛ لأن إلى الآن لم تتنفس، والنفاس يكون بالتنفس، وهي الآن في كربة، أكرب ما يأتيها مثل هذه الحال، لم تتنفس، وهذا قول للشافعية رحمهم الله: أنه لا عبرة بالدم الذي يكون قبل الولادة، وإنما أشرت إليه؛ لقوته، ولَّا ما نحب أننا نذكر الآراء في هذه المسائل.
يقول:(أكثر مدة النفاس أربعون يومًا) لكن هنا مسائل:
المسألة الأولى: هل كل وضع يثبت به النفاس أم ماذا؟
نقول: إذا وضعت نطفة فليس الدم بنفاس ولا حيض.
إذا وضعت علقة فليس بنفاس ولا حيض ولو رأت الدم، يسمى هذا عند العلماء: السِّقط، وعند العامة: العوار، يقال: تعورت المرأة.
ولدت مضغة غير مخلَّقة ليس بنفاس ولو رأت الدم.
وضعت مضغة مخلَّقة ليس بنفاس ولو رأت الدم.
وضعت ما تم له أربعة أشهر فهو نفاس، قولًا واحدًا؛ لأنه نفخت فيه الروح، وتيقنا أنه بشر، {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}[الأحقاف: ١٥]، فهذا الذي نزل بعد أربعة أشهر تيقنا أن له أمًّا ليش؟ لأنه نفخت فيه الروح.
هذا الذي نفخت فيه الروح تم له أربعة أشهر، إذا خرج وخرج معه الدم فهو نفاس بالاتفاق، وما خرج نطفة فليس بنفاس بالاتفاق.